story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

البعمري: الزفزافي ليس انفصالياً وكلمته الأخيرة محطة فاصلة في طي الملف

ص ص

اعتبر المحامي والحقوقي نوفل البعمري أن كلمة ناصر الزفزافي، في يوم تشييع والده، تمثل “محطة فاصلة” في تاريخ تدبير ملف حراك الريف، موضحًا أن “التركيز على تفاصيل المحاكمات أو أحداث دقيقة خلال الحراك لن يفيد، بل يترك الجرح مفتوحًا ويعقد الوضع”.

وشدد البعمري، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، خلال مروره ببرنامج “من الرباط” الذي يبث على منصات “صوت المغرب”، على أن “المفتاح لإعادة الروح إلى هذا الملف يكمن في العفو الملكي”، مشيراً إلى ضرورة تنفيذ الآلية الدستورية بشكل واضح وسريع، دون أي تأخير، لبناء الثقة بين الدولة والمنطقة.

وأضاف البعمري أن “المصالحة ضرورية ليس فقط على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، بل أيضًا التاريخي والثقافي والهوية والمجال الجغرافي للريف”، مشيرًا إلى أن الجوانب التاريخية “لم تُعالج بالشكل الكافي”.

ولفت البعمري إلى أن كلمة ناصر خلال جنازة والده لاقت استحسان الجميع، مشيرًا إلى أن الدولة نجحت في إطلاق سراح 90 في المائة من المعتقلين السابقين، واتخاذ إجراءات ضد المسؤولين عن التدبير السابق، وإقرار الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، بما يعكس إرادة واضحة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والثقافية للمنطقة.

وأشار إلى أن كلمة ناصر والأجواء التي رافقت الجنازة والتفاعل الكبير الذي شهدته المنطقة كانت عناصر إيجابية ساعدت على خلق الثقة وإزالة المخاوف، معتبراً أن خروج ناصر بهذه الطريقة وتلقيه التعازي كان ممكنًا فقط “بفضل الثقة بينه وبين المسؤولين في الدولة”، ما يشكل مؤشرًا على أن البلاد مقبلة على “خطوة مهمة في طي ما تبقى من هذا الملف”.

ويرى المحامي نوفل البعمري أن ما يمكن أن يسهل الانفراج في ملف الريف هو “عدم قراءة المستقبل بعين الماضي أو الانشغال بما حدث سابقًا”، مع انتظار اللحظة المناسبة لإجراء حوار مباشر مع الجهات المعنية والمعتقلين أنفسهم لتوضيح كل ما يجب توضيحه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأكد أن الهدف هو “إنهاء الملف بشكل واضح وتمكين هؤلاء الأشخاص من الخروج، مع فتح نقاش مسؤول يضم جميع الأطراف، سواء من يتبنى مطالب المحتجين بالكامل، أو من لديهم تحفظات جزئية، أو من يعتبرون بعض المطالب غير مناسبة”.

وأوضح البعمري أن المعنيين مباشرة يجب أن يكونوا حاضرين في الحوار، وأن أي نقد ذاتي أو مراجعة للملف يجب أن يتم منهم مباشرة، وليس بالنيابة عنهم، مشيرًا إلى الدور المحوري للمحامين في بناء الثقة بين المعتقلين والدولة. وقال: “المحامي ليس مجرد ناقل للملف والإجراءات القانونية، بل علاقة الثقة بينه وبين موكله تتيح نقل المطالب بشكل آمن وفعال”.

ويطالب المتحدث بالعودة الجدية لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، قائلاً: “سوء تنفيذ هذه التوصيات منذ تقديم التقرير النهائي للملك عزز شعور الساكنة بالخذلان والشك، وجعل بعض المطالب تتكرر عبر الاحتجاجات. يجب العمل على تنفيذها على جميع المستويات: التاريخية، الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، لضمان طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من الثقة بين الدولة والمواطنين”.

وأشار إلى أن سوء الفهم التاريخي بين المركز وهذه المنطقة ساهم في تفاقم الأزمة، قائلاً: “إذا لم يتم تصحيح هذه الثغرة، كما أوصت بها هيئات المصالحة، فقد نجد بعد عشر أو عشرين سنة احتجاجات جديدة، وربما تتكرر المطالب الانفصالية رغم عدم وجود تاريخ لها في المنطقة”.

وأكد أن “الريف لم يشهد أي دعوات انفصالية حقيقية منذ زمن عبد الكريم الخطابي وحتى الآن، باستثناء مجموعة محدودة يتم استغلالها من أطراف خارجية”.

وأوضح أن تراكم الأزمة جاء نتيجة سوء التدبير وغياب الثقة، مضيفًا أن جنازة أحمد الزفزافي أظهرت إمكانية الاستثمار في هذه الثقة، حيث “عكست كلمة ناصر مصطلحات مشتركة للجميع، وظهرت إشارات الثقة بين مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية والمعتقلين، ما سمح للجنازة أن تمر بسلاسة ويخرج ناصر وسط المواطنين بشكل طبيعي”.

وفي معرض تعليقه على النقاش المرتبط بتاريخ الريف، أوضح البعمري أنه يتفق مع جزء كبير مما طرحه الحقوقي خالد البكاري، خاصة بخصوص شخصية عبد الكريم الخطابي، مؤكداً أن الأخير “لم يكن انفصالياً”، وأن ما سُمّي بـ”الجمهورية” لم يكن بالمعنى السياسي الحديث، بل أقرب إلى شكل من أشكال الحكم الذاتي لمواجهة التقسيم الاستعماري الإسباني والفرنسي.

وأشار البعمري إلى أن ناصر الزفزافي نفسه كان من أوائل من بادروا إلى التنديد بمشروع “الحزب الوطني الريفي”، وطلب من أخيه نشر تدوينة تُدين أي نزعة انفصالية ومحاولات للاستغلال الخارجي. وهو ما يعكس، حسب قوله، أن “الموقف العميق للمواطن الريفي ليس انفصالياً”.

لكن الخلل، برأي البوعمري، بدأ منذ أحداث 1958 وما تلاها، وتكرس حين لم تُعالج توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بالمنطقة. وأضاف: “جبر الضرر الجماعي لم يُستكمل، وحفظ الذاكرة ظل ناقصاً، وكان من المفترض أن يُقدَّم الخطابي كرمز وطني جامع، لا أن يُترك رهينة قراءات خارجية”.

واعتبر أن إغلاق ملف الإنصاف والمصالحة بشكل شكلي دون معالجة جوهرية للتوصيات عمّق الأزمة، لافتاً إلى أن المطالب الاجتماعية في الريف كانت مشروعة، وأن المغرب عاش لسنوات بسرعتين: “مغرب نافع” و”مغرب غير نافع”.

وتابع قائلاً: “لو طُبّقت توصيات الإنصاف والمصالحة في وقتها، لما خرج ناصر يطالب بمستشفى أو طريق أو إنارة. ولو عُولجت قضايا العدالة الاجتماعية والمجالية، لما وُلدت رمزية الزفزافي أصلاً”.

لمشاهدة الحلقة كاملة المرجو الضغط على الرابط