story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
إعلام |

آخر وصايا الشريف: عسى أن يكون الله شاهدًا على من لم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا

ص ص

في كلمات مؤثرة اختلط فيها الألم بالأمل، خطّ الصحفي الفلسطيني أنس جمال الشريف وصيته الأخيرة قبل استشهاده، وترك للأجيال القادمة شهادةً خالدة على ما عاشه الشعب الفلسطيني من حصارٍ وقتلٍ وتهجير، وما حمله هو من أمانة الكلمة، حتى اللحظة الأخيرة من حياته.

“هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة، إن وصلّتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي”، بهذه العبارة افتتح الشريف وصيته التي نُشرت في السادس من أبريل 2025، مؤرخةً يومًا آخر من أيام الوجع الفلسطيني الذي لا ينتهي.

أنس، ابن مخيم جباليا شمال قطاع غزة، الذي نشأ بين أزقة اللجوء والحلم بالعودة، لم يتوقف يومًا عن حمل قلمه وعدسته، موثقًا المجازر، ناقلًا الحقيقة كما هي، دون تزوير أو تحريف، ورغم ما عاشه من فقدٍ ووجعٍ وشتات، بقي صوته عاليًا، وأمله كبيرًا في العودة إلى بلدته الأصلية.

وكتب في وصيته: “عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي… عسى أن يكون اللّٰه شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا”، وبهذا الاتهام الصريح، حمّل أنس مسؤولية الصمت والتخاذل لأولئك الذين شاهدوا مذابح غزة دون أن يحركوا ساكنًا.

وفي رسالته الأخيرة، أوصى بفلسطين، درة التاج ونبض الأحرار، ودعا للتمسك بأرضها وأهلها، بأطفالها الذين “لم يُمهلهم العُمر ليحلموا ويعيشوا في أمان وسلام”.

لكنه لم ينسَ أهله، فبكلمات تفيض حبًا ووفاءً، أوصى بابنته الصغيرة شام، التي لم يُكتب له أن يراها تكبر، وبابنه صلاح، رفيقه الذي كان يأمل أن يحمل الراية من بعده، وبأمه التي دعا لها أن يُربط على قلبها، وبزوجته الوفية بيان أم صلاح، التي قال عنها: “ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة”.

وأنهى أنس وصيته كما عاش حياته، ثابتًا على المبدأ، متيقنًا أن الشهادة طريقه إلى نورٍ لا ينطفئ: “اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي”.