story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

خبير يرصد “تفاوتا إقليميا حادا” في نسب ملء السدود بالمغرب

ص ص

أعاد انخفاض نسبة ملء السدود في المغرب خلال هذه الفترة من السنة تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الموارد المائية، في ظل تأثيرات التغيرات المناخية والاستخدام المكثف للمياه، حيث تراجعت النسبة الإجمالية للملء إلى 34.9% حتى يوم الإثنين 11 غشت 2025، وهو رقم، رغم انخفاضه، يرى خبراء أنه يخفي وراءه “تفاوتًا إقليميًا حادًا” بين نسب ملء السدود في مختلف مناطق المملكة.

في هذا السياق، قال جواد الخراز، مدير شبكة خبراء المياه والطاقة والمناخ ونائب سفارة المياه في فرنسا، إن نسبة الملء التي بلغت 34.9% تعكس تأثير بعض التساقطات المطرية الأخيرة التي رفعت الاحتياطي إلى 5.92 مليار متر مكعب مقارنة بـ4.46 مليار متر مكعب في العام الماضي، لكنه أشار إلى أن هذه النسبة الإجمالية تخفي “تفاوتاً حادا” بين الأحواض المائية.

وأوضح الخراز أن هناك “تفاوتاً إقليمياً حاداً” في ملء السدود، حيث يصل الملء في أحواض مثل أبو رقراق (63.5%) واللوكوس (53.6%) إلى مستويات جيدة نسبيا، بينما ينخفض بشكل حاد في أحواض أخرى مثل أم الربيع (10.7%) وسوس ماسة (18.6%)، مما يعكس هيمنة الاحتياطيات في مناطق محدودة تمثل أقل من 10% من مساحة البلاد، حيث تتركز ثلاثة أرباع الاحتياطيات، و59% منها في أربعة سدود رئيسية فقط.

وأبرز الخبير أن هذا التفاوت يجعل المعدل الإجمالي “مضللاً” إلى حد ما، إذ لا يعكس الوضع الحقيقي للفقر المائي المقنع في بعض المناطق، خاصة خلال فصل الصيف الذي يشهد نسبة تبخر مرتفعة.

وبالرغم من ذلك، يرى الخراز أن الوضعية ليست مقلقة على المدى القريب إذا تم الحفاظ على الإدارة الحالية للموارد، لكنه حذر من أن المدى المتوسط يحمل مخاطر أكبر، إذ أن “التغير المناخي يعمق ظاهرة الجفاف وشح المياه، مما يهدد الإمدادات في قطاعات حيوية مثل الفلاحة والطاقة والمياه الصالحة للشرب، خاصة في المناطق الجنوبية والوسطى التي تعاني من عجز مائي هيكلي”.

من ناحية أخرى، أرجع الخراز التراجع في نسبة ملء السدود إلى عوامل عدة مترابطة، أبرزها التغير المناخي الذي أدى إلى انخفاض التساقطات المطرية بين 10% و25% في الأحواض المختلفة خلال السنوات الأخيرة، كما أشار إلى أن موجات الحر الشديدة في صيف 2025 ساهمت في زيادة معدلات التبخر وفقدان كميات كبيرة من المياه.

بالإضافة إلى ذلك، شدد المتحدث على دور الاستخدام البشري في تفاقم المشكلة، خاصة القطاع الزراعي الذي يستهلك نحو 88% من المياه، “حيث لا تزال كفاءة استخدام المياه ضعيفة ولا بد من تحسينها عبر تبني تقنيات حديثة مثل الري بالتنقيط وترشيد الاستهلاك”، ملفتا أيضا إلى الضغط المتزايد على الموارد المائية في المناطق السياحية خلال فصل الصيف.

وأكد الخراز أن “التفاوت الجغرافي في توزيع الموارد يجعل بعض المناطق أكثر عرضة للعجز، حيث يتركز الاحتياطي في الشمال بينما يعاني الجنوب من نقص هيكلي مزمن”، ما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل التراجع الإجمالي يعكس فقط جزءاً من الأزمة الحقيقية.

وفيما يتعلق بالإجراءات الضرورية، أشار الخراز إلى ضرورة اعتماد مقاربة مزدوجة تجمع بين إجراءات عاجلة للتعامل مع الأزمة الحالية، وهيكلية لضمان استدامة الموارد على المدى البعيد، فمن جهة، يجب فرض تقنين صارم على استخدام المياه، خصوصاً في القطاع الفلاحي، وتفعيل المراقبة الدقيقة لتقليل الهدر.

كما أوصى بتفعيل عقود الفرشة المائية وتفعيل شرطة المياه مع توفير الموارد اللازمة لها لضمان مراقبة فعالة، إلى جانب حملات توعية للمواطنين حول ترشيد الاستهلاك المنزلي، كما أكد على أهمية إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في الري غير الغذائي كأحد الحلول لتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية.

أما على المستوى الهيكلي، دعا الخراز إلى بناء سدود جديدة إذا كانت مجدية، وربط الأحواض المائية لنقل المياه من المناطق الغنية إلى الناقصة، بالإضافة إلى تطوير محطات تحلية مياه البحر، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعاني من تملح الفرشة المائية، مع ضرورة دمج البعد البيئي في الاستراتيجيات القطاعية مثل الفلاحة والصناعة والسياحة.

كما شدد الخراز على أهمية تعزيز البحث العلمي والتكنولوجيا في مجال إدارة الموارد المائية، مع تطوير أنظمة معلومات وطنية دقيقة تساعد صناع القرار في متابعة الاستهلاك والموارد المتاحة، فضلاً عن بناء قدرات الكوادر المختصة لضمان تنفيذ السياسات بكفاءة.