تسويق البشاعة !
الصور التي تخرج في الأيام الأخيرة من اوراش الملاعب المغربية قيد الإنشاء او إعادة الهيكلة، في الرباط وطنجة، تعطي الكثير من الإرتياح حول سير الأشغال، وتبدد المخاوف من ألا تكون جاهزة بشكل كامل قبل حلول نهائيات كأس إفريقيا للأمم في دجنبر المقبل.
التطور السريع في شكل هذه الملاعب، وعمليات تجهيز مرافقها بشكل متزامن ربحا للوقت، يؤكد وجود مجهود استثنائي مدروس من الساهرين على التخطيط والتنفيذ.. حيث أن مدة الإنجاز في حال احترام الآجال المعلنة، يمكن أن تشكل رقما قياسيا عالميا في إخراج منشآت رياضية إلى حيز الوجود، مع الإشادة أيضا أن المشرف على بناء هذه الأوراش هي كفاءات تقنية وسواعد تابعة لمقاولات مغربية مئة بالمئة.
لكن وقبل أن تنتهي الأشغال بهذه الملاعب ويتم تسليمها إلى الإتحاد الإفريقي من أجل أن تحتضن الكان، لابد وأن نفكر من اليوم في ان نجعل من تدشينها نقطة تحول مفصلية في طريقة ولوج جماهيرنا إلى مدرجاتها.
فملايير الدراهم التي صُرفت على هذه الملاعب من جيوب دافعي الضرائب، سيكون من غير المقبول بتاتا أن نستمر في استغلالها بنفس الفوضى التي تعودنا عليها في ملاعبنا القديمة، والتي كثيرا ما حولت مرافقنا الرياضية العمومية إلى بنايات مخربة من فرط “الدݣديݣ” وتقليع الكراسي وصنابير المراحيض ورمي الشهب النارية في الأماكن السريعة الإحتراق.
افتتاح الملعب الأولمبي المجاور لملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وإجراء مباريات المنتخب الوطني للسيدات فيه، ورغم أن الإتحاد الإفريقي هو المسؤول عن التنظيم بحكم أنها مسابقة الكان تابعة له، إلا أن هذه المباريات أثبتت أننا بقدر اجتهادنا في البناء والتجهيز والتزيين، إلا أننا دائما ما تخوننا التفاصيل التنظيمية الأخيرة لكي يكتمل الإنجاز على أحسن وجه. حيث سجلت بعض العشوائية في عملية اقتناء تذاكر الدخول، وفي عدم وجود مراقبة في أبواب الملعب، بالإضافة إلى عدم وضع تنبيه من بعيد بعدم جاهزية موقف السيارات حتى يتركها أصحابها بعيدا ويكملوا التوجه إلى الملعب سيرا على الأقدام.
الملاعب الجديدة بعد احتضانها لكأس إفريقيا، ستبقى لصالح الأندية كي تخوض فيها مباريات البطولة الوطنية، ولابد من وضع تدابير جديدة لدخول الجماهير إليها قبل انطلاق الموسم المقبل، وأولها اعتماد البطاقة الوطنية في حجز التذكرة، وتعزيز المراقبة في بوابات الملعب لمنع دخول القاصرين غير المرفقين، والأشياء التي قد تفسد أجواء المباريات، وضرورة التزام كل متفرج بالجلوس في المقعد الذي يحمل رقمه في التذكرة، بالإضافة إلى تشديد المراقبة بالكاميرات المتطورة التي ستكون مزودة بها هذه الملاعب، من أجل ضبط المخربين وأصحاب السلوكات الإجرامية، وتسجيل أسمائهم في لوائح الممنوعين من دخول المنشآت الرياضية مثلما هو معمول به في العديد من البلدان.
المناسبات الكروية القارية والعالمية التي من المقرر أن تحتضنها بلادنا خلال السنوات المقبلة، من المفروض أنها ستنقل الكثير عن عاداتنا وتقاليدنا وشخصيتنا المغربية، وأيضا عن عقليتنا المجتمعية التي نشاهد بها كرة القدم، والإستمرار في طريقتنا القديمة التي يتم بها إدخال الجمهور إلى الملاعب، سنكون كمن يهدر أموالا طائلة من أجل يسوق عن نفسه صورة بشعة إلى العالم.