story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

مع بداية الصيف.. انتشار الأفاعي والعقارب يثير قلق المواطنين

ص ص

تعرف مناطق مختلفة من المغرب، مع بداية فصل الصيف الحالي، تزايدًا مقلقًا في انتشار الزواحف السامة، خصوصًا الأفاعي والعقارب، وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة المواطنين، خاصة في القرى والمناطق شبه الحضرية.

وقد وثقت العديد من الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لأفاعٍ تتجول بالقرب من مناطق مأهولة بالسكان، ما خلف حالة من الذعر والاستياء في صفوف المواطنين.

آخر هذه الحوادث المأساوية سُجّل الخميس 19 يونيو 2025، حيث لقي رجل ستيني مصرعه بدوار حنابو التابع لجماعة عرب صباح زيز بإقليم الرشيدية، إثر تعرضه للدغة أفعى سامة تُعرف محليًا باسم “أم قرينات”، ما أعاد إلى الواجهة النقاش حول غياب الوقاية البيئية والجاهزية الصحية في التعامل مع هذه الظواهر الطبيعية، خاصة في ظل شح الإمكانيات بالمناطق القروية.

ويأتي هذا في وقت يطالب فيه فاعلون حقوقيون وخبراء صحيون بـتحرك عاجل من الدولة والسلطات المحلية من أجل التصدي لانتشار الزواحف السامة، عبر تبني سياسات بيئية وقائية، وتوفير الأمصال بشكل دائم، وتحسين البنية الصحية والتوعوية، لتفادي تكرار مثل هذه الفواجع التي تودي سنوياً بحياة عدد من المواطنين، غالبيتهم من الأطفال وساكنة المناطق النائية.

وفي السياق، أكد إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، على أن هذا الوضع يعكس “قصورًا واضحًا” في السياسات البيئية والوقائية المتبعة من طرف الجهات المعنية، مشددًا على أن الدولة تتحمل مسؤولية قانونية ودستورية في ضمان الحق في السلامة الجسدية والحماية من المخاطر البيئية، كما ينص على ذلك الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.

ودعا الحقوقي إلى تبني سياسة وقائية عاجلة ترتكز على إجراءات ملموسة، من بينها تعزيز حملات التوعية والتحسيس في المناطق المهددة، عبر إشراك فعاليات المجتمع المدني المحلي، إلى جانب توفير الأمصال المضادة للسعات العقارب ولدغات الأفاعي بشكل دائم في المستشفيات والمراكز الصحية القروية.

كما طالب السدراوي بـتفعيل برامج استباقية لمحاربة تكاثر الزواحف، من خلال تحسين شروط النظافة العامة، وتنسيق الجهود بين الجماعات المحلية والقطاعات الحكومية المعنية، إضافة إلى إدماج البعد البيئي والوقائي ضمن سياسات التنمية القروية والمجالية، حتى لا يبقى المواطن رهينة ظروف طبيعية أو مناخية تهدد حياته.

وأكد رئيس الرابطة على أن حماية الأرواح لا تحتمل التراخي أو الانتظار، مشيرًا إلى أن تفاقم آثار التغيرات المناخية يسهم في ازدياد توالد الزواحف السامة وانتشارها، مما يجعل من اعتماد مقاربة بيئية وإنسانية شاملة ضرورة ملحّة تضع سلامة الإنسان في صلب الأولويات الوطنية.

فيما حذر الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي من تزايد حالات لسعات العقارب والأفاعي مع ارتفاع درجات حرارة الجو، مشيراً إلى أن هذه الزواحف تخرج من جحورها بحثاً عن أماكن باردة تقترب فيها من مساكن الناس، لا سيما في المناطق القروية والبوادي.

وشدد حمضي على أن الوقاية تبدأ بالنظافة والعناية بمنازلنا، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها العقارب والأفاعي، مؤكداً أن 70% من حالات اللدغ تحدث داخل المنازل وليس في الخارج، مما يستدعي تركيز الجهود على حماية البيوت.

وأوضح أن من أهم الإجراءات الوقائية داخل المنازل تنظيفها جيداً وإزالة النباتات والأحجار التي قد تكون ملاذاً للعقارب، بالإضافة إلى التأكد من خلو الأحذية قبل ارتدائها، مشيرا إلى أن أغلب ضحايا لسعات العقارب هم الأطفال الصغار، مما يجعل التوعية ضرورة قصوى.

وأضاف حمضي أن المغرب يسجل سنوياً بين 25 و30 ألف حالة لسعات عقارب، حيث تمر الغالبية منها بسلام، لكن هناك حالات وفاة نادرة تمثل الخطر الحقيقي.

ونبه إلى ضرورة التمييز بين لسعات العقارب والأفاعي، إذ إن لسعات العقارب غالباً لا تشكل خطورة كبيرة، لكن لسعات الأفاعي تمثل نسبة أكبر من المخاطر، إذ يصاب نصف المصابين بسم الأفعى، مع احتمال حدوث مضاعفات.

وفيما يتعلق بالإسعافات الأولية، شدد على أهمية عدم ربط العضو المصاب أو جرحه أو وضع أي مواد كيميائية على مكان اللدغة، مؤكداً أن التحرك السريع إلى أقرب مركز صحي هو الأساس.

وأشار إلى أن لسعات العقارب غالباً ما تتم مراقبتها دون الحاجة إلى سيروم مضاد إلا عند ظهور أعراض خطيرة، بينما لسعات الأفاعي تستلزم مراقبة دقيقة لمدة لا تقل عن 24 ساعة، بسبب إمكانية ظهور أعراض خطيرة مثل ارتفاع الحرارة، تغير ضغط الدم، الغيبوبة أو التشنجات، بالإضافة إلى أعراض تخثر الدم التي قد تؤدي إلى نزيف داخلي، وحينها يستوجب نقل المصاب إلى قسم الإنعاش.

وأكد حمضي على ضرورة ارتداء الأحذية المناسبة عند الخروج وعدم تحريك الحجارة أو أماكن اختباء العقارب بيد مباشرة، بل باستخدام أدوات مناسبة.

واختتم بالدعوة إلى تعزيز دور الأسرة والجماعات المحلية والسلطات الصحية في حملات التوعية، والمحافظة على نظافة وترتيب المنازل، مع تعليم الأطفال الحذر واتباع الإجراءات الوقائية لتجنب التعرض للدغات.