هدم سكن طلبة الزراعة والبيطرة بالرباط.. مستشار جماعي يطالب بحلول بديلة وعاجلة

بدأ طلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط إضراباً عن الدراسة، احتجاجاً على قرار هدم سكنهم الداخلي على خلفية مشروع لتوسيع الطرق.
ويتواصل الإضراب الذي بدأ، يوم الخميس 19 يونيو 2025، إلى غاية يوم السبت 21 يونيو تنديداً بالصمت “غير المبرر” لإدارة المعهد والجهات المعنية، وغياب أي تفاعل مع مطالبهم بشأن هدم سكنهم رغم احتجاجهم الثلاثاء الماضي.
في هذا الصدد، اعتبر فاروق المهداوي المسشار الجماعي في جماعة الرباط، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن تعاطي إدارة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة مع هذا الملف “كان سلبياً جدياً”، مشيراً في نفس الوقت إلى أنه لا يمكن إقرار مشاريع قد تؤثر على فة معينة “دون اعتماد مقاربة تشاركية في التعاطي معها”، خصوصاً عندما يتعلق الأمر لملف يهم شريحة من الطلبة يتجاوز عددهم 1500 طالب.
وأوضح المهداوي أن مشروع التهيئة الذي تمت المصادقة عليه في الدورة الاستثنائية 12 دجنبر 2024 بمجلس مدينة الرباط، “جاء بمجموعة من المستجدات على مستوى التهيئة الحضارية للمدينة، بمنها فتح العديد من الطرق لتخفيف عبء السير”، ومع ذلك كان من الواجب على صناع القرار بالرباط “البحث عن حلول بديلة تجنب الاضطرابات الاجتماعية، قبل المصادقة على مشروع معين، واتخاذه إجراء ضرورياً”.
ويعتبر فاروق المهداوي الحقوقي والمستشار الجماعي عن فيدرالية اليسار الديمقراطي أن هذه الاضطرابات التي من بينها ملف طلبة معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة “ما هي إلا تجسيد لسوء تدبير جماعة الرباط، والوكالة الحضرية والولاية لملفات التهيئة الحضرية في المدنية”.
وأشار إلى أن مشروع التهيئة الذي من شأنه أن يؤدي إلى هدم السكن الداخلي للطلبة “لم يقم على المقاربة الاجتماعية وحفظ حقوق السكان”، لافتاً إلى أن هذا الهدف من مثل هذه المشاريع التنموية هو “حفظ الاستثمار والتدبير الاقتصادي أكثر من الاهتمام بساكنة المدينة والوافدين عليها الذين من بينهم آلاف الطلبة”.
وشدد المهداوي على ضرورة التفكير في حل بديل “إذ أنه حتى مسألة الكراء أصبحت من دروب المستحيل نظراً لارتفاع السومة الكرائية وقلة العقارات، ونظراً كذلك لتهديد مجموعة من المناطق بالهدم، ما جعل المواطنين يتخوفون من الكراء فيها”.
ودعا إلى إيجاد حل سريع أمام توقع استمرار الأزمة مع تصعيد طلابي متواصل، فضلاً عن إغلاق الحي الجامعي في مولاي اسماعيل، وقال: إنه “على السلطة العمومية بالمدينة، وإدارة المعهد والوزارة الوصية على القطاع إيجاد حل سريعاً لهؤلاء الطلبة من أجل استقبالهم وإيوائهم إيواء جيداً يليق بكرامة الطالب المغربي”.
وفي هذا السياق، عبر يوسف لعرش، وهو طالب في معهد الزراعة والبيطرة بالرباط، عن رفضه هدم السكن الداخلي. وأعرب عن استغراب الطلبة من شروع الجهات المعنية في ما وصفه ب”مشروع الهدم” الذي يرمي إلى توسعة الطريق الذي يمر عبر جزء من المعهد.
ورغم أن هذا المشروع يخدم المصلحة العامة للدولة المغربية، يضيف لعرش “إلا أن ما يثير الاستغراب والاستنكار هو غياب أي أفق، أو حلول بديلة وتعويضية واضحة، خاصة وأن عدد الطلبة المتضررين يفوق الألفين”.
وأشار المتحدث، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إلى أن مصيرهم الدراسي “أصبح ضبابياً”، إذ أنه “لا يُعرف إن كانوا سيتمكنون من الاستمرار في السكن داخل المعهد خلال السنة المقبلة أو السنوات التي تليها، أو قد يتعرضون للتشرد في شوارع العاصمة”.
وقال إن الخطوات الاحتجاجية التي اتخذها الطلبة يعتبرونها “ضرورية لإيصال صوتنا إلى الرأي العام، وإلى الجهات المسؤولة”، مشيراً إلى أنه “لا يمكن تنفيذ مشاريع من هذا النوع تمسّ كرامة الطالب المغربي دون خطة واضحة، أو بدائل تحفظ كرامته والاجتماعية”.
وشدد على أن طلبة المعهد يعتبرون أنه من حقهم المشروع أن يكونوا طرفاً فاعلاً في عملية البحث عن الحلول، باعتبارهم طلبة متضررين بشكل مباشر وأساسي من هذا المشروع.
ولفت إلى أن إشراك طلبة معهد الزراعة والبيطرة في هذا المسار لا يمثل فقط استجابة لمطلب شرعي، بل يشكل أيضا خطوة ضرورية لضمان أن يتم التدخل بطريقة مباشرة وشفافة، “تطمئن الطلبة بأن معالجة الإشكال تسير بوتيرة جدية، وأن البحث جار عن حلول تحفظ حقوق الطلبة”.
وأعرب لعرش عن أمله في أن تنظر الجهات المعنية إلى هذا الملف “بعين الجدية والاهتمام الذي يليق بقضية تمسّ مستقبل الطالب المغربي، دراسياً واجتماعياً، وتمس كرامته الإنسانية كذلك”.
ويقول الطلبة إنهم توصلوا بخبر هدم مساكنهم “دون أي إشعار مسبق، وفي ظل غياب تام لأي توضيحات رسمية بخصوص تاريخ بدء عملية الهدم أو تدبير مصيرهم كمقيمين بهذا السكن”. ويعتبرون أن “هذا الغموض يزيد من قلق الطلبة ويضع مستقبلهم الدراسي والمعيشي في دائرة المجهول”.
وقال الطلبة، في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إن غالبيتهم لا يملكون الإمكانيات المادية للكراء أو الإقامة خارج السكن الجامعي، فضلاً عن أن مدينة الرباط “تعاني مسبقاً من أزمة سكن خانقة، كما لا يمكنها استيعاب هذا العدد الكبير من الطلبة في فترة قصيرة”.
وأضاف البلاغ أن انعدام البدائل أو الحلول التعويضية يجعل الطلبة أمام “خطر التوقف القسري عن الدراسة”، مشيراً إلى أنهم يستنكرون ما وصفوه ب”التهديد الصريح” لحقهم في السكن الجامعي، معتبرين ذلك “مساساً بهذا الحق وباستقرارهم النفسي والاجتماعي والأكاديمي.
كما يعبر البلاغ عن رفض الطلبة أي قرار يتخذ في غيابهم، ومن دون إشراكهم أو إعلامهم، مشددين على أن حقهم في المشاركة في اتخاذ القرارات التي تمس مستقبلهم حق مشروع لا يمكن التنازل عنه.