معهد هولندي يحذّر من انخفاض تلقيح أبناء الجالية المغربية وخطر تفشي الحصبة

حذر المعهد الوطني الهولندي للصحة العامة والبيئة (RIVM) من تراجع كبير في نسب تلقيح الأطفال في أوساط الجاليات المغربية والتركية المقيمة في هولندا، ما ساهم في تفشي الحصبة مجددًا بعد سنوات من السيطرة على المرض، مشيرا إلى أن أكثر من مئة حالة استدعت دخول المستشفى هذا العام، أغلبها لأطفال غير ملقحين.
وأوضح المعهد في تقرير له، أن نسبة التلقيح في صفوف الأطفال المغاربة تراجعت بشكل مقلق، من 95% سنة 2013 إلى 65% سنة 2020، وهو ما يجعل هذه الفئة أكثر عرضة للعدوى، وأضاف أن أطفال الجالية التركية شهدوا أيضًا انخفاضًا في التلقيح من 96% إلى 79%، ما يرفع من خطر انتشار الفيروس في المدارس والأحياء المكتظة.
وأبرز المعهد أن هذه الفجوة في التلقيح ترتبط بعدة عوامل، من بينها ضعف الثقة في الحكومة، وتأثير الإشاعات والمعلومات المغلوطة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن صعوبة إيصال الرسائل الصحية الدقيقة إلى الأسر التي تواجه حواجز لغوية أو تنتمي إلى بيئات محافظة.
وأشار مسؤولون محليون في مدينة لاهاي إلى أن بعض الأحياء التي يقطنها عدد كبير من الأسر المغربية لا تتعدى فيها نسبة التلقيح 60%، ما يرفع من منسوب خطر انتشار العدوى.
وأضاف نائب العمدة هيلبرت بريدماير أن مصطلح “لقاح” أصبح محاطًا بالتشكيك، داعيًا إلى ضرورة استرجاع ثقة الأسر المغربية عبر خطاب صحي واضح وقريب من الواقع الثقافي.
وفي هذا السياق، حذر المعهد من أن الوضع قد يزداد سوءًا خلال العطلة الصيفية، خصوصًا في ظل تسجيل تفشي كبير للحصبة في المغرب أدى إلى وفاة 180 شخصًا، أغلبهم أطفال.
وأضاف بريدماير أن هناك تخوفات من نقل العدوى إلى هولندا مع توافد الزوار من المغرب أو عودة الأطفال بعد قضاء العطلة مع أقاربهم.
ويؤكد الخبراء في الصحة العامة أن الحماية الجماعية من الحصبة لا تتحقق إلا إذا تجاوزت نسبة التلقيح 95%، وهي نسبة لم تعد تُسجَّل لا في المدن الكبرى ولا في صفوف الجاليات ذات الأصول غير الغربية.
وأضافت خدمات الصحة المحلية أن البؤر الجديدة للمرض توجد حاليًا في مدارس عامة وإسلامية، بعضها يستقبل أطفالًا من عائلات مغربية.
كما أشار المعهد إلى أن عدد الإصابات المؤكدة بالحصبة تجاوز هذا العام 437 حالة، مقابل 204 فقط العام الماضي، وأضاف أن أغلب الأطفال المصابين لم يتلقوا اللقاح، وأن المرض ينتشر بسرعة خاصة في البيئات التي تشهد تراجعًا في نسبة التلقيح.
ولفت المصدر ذاته إلى أن الحصبة ليست مرضًا بسيطًا، بل يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الرئة أو التهاب السحايا، مشددًا على ضرورة إبقاء الأطفال المصابين في المنزل لمدة أربعة أيام بعد ظهور الأعراض.
وفي ختام تقريره، ذكّر المعهد الهولندي بأن منظمة الصحة العالمية دقت بدورها ناقوس الخطر بعد أن سجلت أعلى عدد من إصابات الحصبة في أوروبا وآسيا منذ عام 1997. داعيًا إلى حملة تعبئة مستعجلة لمواجهة هذا التهديد الصحي.