توسع دعم “الحكم الذاتي”.. خبراء: إفريقيا تتطلع إلى الدور المغربي في الاستقرار والتنمية

بعد تجميد علاقاتها مع جبهة البوليساريو، أعلنت جمهورية غانا دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية، معتبرة إياه الأساس الواقعي والدائم الوحيد من أجل حل لقضية الصحراء، وذلك في لقاء جمع زير الشؤون الخارجية الغاني صامويل أوكودزيتو أبلاكوا، مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، يوم الخميس في الرباط.
ويأتي موقف غانا، الواقعة على الخليج الغيني غرب إفريقيا، بعد أسبوع من إعلان كينيا، إحدى دول شرق القارة، الموقف نفسه، بعدما كانت من أبرز معاقل الطرح الانفصالي في المنطقة.
ومع توالي الدعم الإفريقي لمبادرة الحكم الذاتي التي تدافع عنها الرباط منذ نحو 20 عاماً، يبرز السؤال حول العوامل التي حفزت هذا التحول في الموقف الإفريقي على مستوى عدة دول، والتي كان آخرها غانا.
في هذا الصدد، أشار أستاذ العلوم السياسية خالد الشيات، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إلى مجموعة من العوامل التي أسهمت في تحوّل موقف دول إفريقية من مقترح الحكم الذاتي أو من قضية الصحراء المغربية عموماً، مشيراً إلى أن هذه العوامل “مرتبطة بوضوح الطرح المغربي، باعتباره منطلقاً سلمياً يمكن للدول أن تعتمد عليه، في مقابل الطرح العسكري والعنيف الذي يتبناه خصوم الوحدة الترابية للمغرب”.
ويرى الشيات أن هناك أيضاً اعتبارات كما هو الحال بالنسبة إلى غانا، “لوجودها في منظومة اقتصادية وتعاونية مع المغرب، مندمجة مع التوجهات العالمية، سواء من حيث علاقتها بمنطقة الساحل الأطلسي أو منطقة غرب إفريقيا، من خلال مشاريع مهيكلة كبرى.
ومن بين هذه المشاريع، يُعد مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري أحد أبرز الأمثلة، إلى جانب المبادرات المغربية المرتبطة بالواجهة الأطلسية، أو بتعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون الإقليمي مع دول غرب القارة.
وعدد أستاذ التعليم العالي في جامعة محمد الأول بوجدة عدة عوامل أخرى، من بينها ما هو مرتبط بتنمية قطاعات معينة، مشيراً إلى أنها تتلق بملفات مهمة على مستوى الاستقرار الاجتماعي والسياسي، أبرزها الجانب الغذائي، إذ أن “الخبرة المغربية في مجال إنتاج الأسمدة وغيرها من الأدوات” من شأنها أن تكون أكثر منفعة من الشعارات التي تتلقاها هذه الدول من خصوم الوحدة الترابية”.
واعتبر الشيات أن هذه الخبرات والمبادرات المغربية أكثر نفعاً للدول الإفريقية من “الشعارات” التي تروّج لها الجهات الداعمة للانفصال، في إشارة إلى الجزائر، التي تضع مواردها لدعم جبهة البوليساريو.
كما أن هناك تحولات مرتبطة بالقيمة التي يقدمها المغرب، باعتباره دولة رائدة على المستويين الاقتصادي والسياسي في إفريقيا، وفقاً لخالد الشيات الخبير في العلاقات الدولية، مشيراً إلى تحولات على المستوى الجيوسياسي، بمبادرات من المغرب،في الوقت الذي يتراجع فيه الطرح المنوائ له على مستوى القضية.
من جانبه، يرى الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع البراق شادي عبد السلام، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن ما وصفه بـ”القرار التاريخي” لجمهورية غانا “يأتي بعد عمل ميداني كبير، و مجهودات سياسية يقوم بها الجهاز الديبلوماسي المغربي في الرباط ومختلف العواصم الإفريقية من أجل التنزيل السليم للرؤية الملكية المتبصرة للسياسة الخارجية المغربية، والمرتكزة على عقيدة ديبلوماسية عريقة ورصينة وفاعلة ومندمجة بمسارات متعددة ومتداخلة”,
وأشار عبد السلام إلى أن البعد الإفريقي يشكل في هذه الرؤية مساراً محورياً من خلال الإنفتاح على القارة الإفريقية كخيار إستراتيجي “يكرس التزام المغرب بتعزيز التعاون الإنمائي، وتعميق الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية مع مختلف الدول الإفريقية”، إذ أن الشواهد أكدت “أن هذه الجهود لا تساهم فقط في تعزيز مكانة المملكة المغربية على الساحة الدولية والقارية، بل تساهم أيضاً في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الإقليمي”.
وذكر أن المغرب يقدم حلولاً إفريقية لمشاكل القارة بسواعد الإنسان الإفريقي، وفق رؤية ملكية تشكل الإطار المرجعي لتحركات الديبلوماسية المغربية، “من خلال بنك المشاريع الذي قام العقل الإستراتيجي المغربي بصياغتها في إطار مقاربة مغربية شاملة”، كما تحدد بدقة، وفقاً للمتحدث ذاتها “مساراتها في إطار المسؤولية والشفافية والهدوء الإستراتيجي، والثبات الإنفعالي بعيداً عن ردود الأفعال لبغير مضبوطة النتائج، ولبغير مؤسسة على مواقف راسخة”.
ويعتبر شادي عبد السلام الخبير الدولي في إدارة الأزمات قرار غانا ذا أهمية وراهنية، إذ تعتبر هذه الجمهورية تاريخياً من أهم الدول المؤثرة في الوضع الجيوسياسي بغرب إفريقيا، مشيراً إلى أنه لها حضور فاعل ومؤثر حالياً في مجموعة من المنظمات الإقليمية والدولية سواء على مستوى الاتحاد الإفريقي أو المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس),
وأشار إلى أن الجيش الغاني يلعب هو الآخر دوراً محورياً في مجموعة المراقبة التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أو في مبادرة إنشاء القوة الإقليمية لمكافحة الإرهاب في منطقة تعيش وضعاً أمنياً بالغ التعقيد بسبب تنامي الفاعلين المؤثرين في عملية صناعة الإستقرار، سواء بالساحل الإفريقي أو خليج غينيا.
وشدد على أن المملكة المغربية تعمل، من خلال رؤيتها الأطلسية التي تم إنضاج شروطها الذاتية والموضوعية وفق رؤية تنموية صرفة، “على جعل ضفتي المحيط الأطلسي أحد المجالات الإقتصادية المهمة عالمياً والتي توفر إمكانيات هائلة للتبادل الحضاري بين الضفتين”، وهو ما سينتقل المنطقة “من الإستغلال المقيت لمقدرات الشعوب بنكهة استعمارية خدمة للميتروبول الكولونيالي الذي ينهك ثروات الشعوب الإفريقية إلى علاقات بنكهة الشراكات الإستراتيجية الفاعلة في إطار تعاون محور شمال-جنوب وجنوب-جنوب، وبمبدأ رابح-رابح.