خبراء في التربية ينتقدون حل دعم التلاميذ “عن بعد”
أثار إعلان وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن انطلاق الدعم التربوي الرقمي “عن بعد” للتلاميذ عبر المنصة الوطنية “TelmidTICE” النقاش حول فعالية هذه الخطوة في تعويض الزمن المدرسي المهدور بسبب الإضرابات التي تتواصل منذ خمسة أسابيع في المدارس العمومية.
واعتبر خبراء في التربية أن الحديث عن الدعم خلال هذه الفترة سابق لأوانه، خاصة في ظل تأخر التقدم في إنجاز محاور المقررات الدراسية، وإنما يجب الاشتغال على إيجاد حل لأزمة النظام الأساسي.
إجراء ظرفي
وقال عبد الناصر الناجي، خبير في التربية ورئيس مؤسسة “أماكن” لجودة التعليم إنه “منذ جائحة كورونا حاولت وزارة التربية مأسسة التعليم عن بعد، وذلك من خلال مجموعة من المبادرات منها المرسوم الذي صدر فيما يتعلق بالتعليم عن بعد والذي يتنظر أجرأته”.
وتابع أن “وزارة التربية كانت قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن إصدار مشروع قرار وإرساله إلى الأكاديميات الجهوية من أجل التشاور”، واسترسل أن هذا المشروع يحدد”مجموعة من الإجراءات العملية التي لم تتم إلى حد الآن، وهو ما يعني أن أجرأت هذا المشروع لم يتم أخده بعين الاعتبار هذه السنة”.
وأضاف المتحدث ذاته أنه “نفاجؤ اليوم بإصدار مذكرة تتعلق بالموضوع نفسه، والذي يتعلق بالمنصة التي سبق أن استعملتها وزارة التربية الوطنية خلال جائحة كورونا، لكنها هذه التجربة لم تكلل بنجاح”.
واعتبر عبد الناصر الناجي أن “الظرفية غير مناسبة لإصدار هذه المذكرة، خاصة وأنها يمكن أن تفهم على أنها إجراء ظرفي للتعامل مع الانعكاسات السلبية لإضرابات الأساتذة على التلاميذ الذين لم يدرسوا منذ أكثر من شهر ونصف تقريبا”.
وتسائل الخبير في الشؤون التربوية “كيف يمكن أن نطبق هذه المذكرة في ظل غياب الأساتذة عن المؤسسات التعليمية؟”، مشددا أنه “كان يجب التريث قليلا حتى تهدأ الأوضاع في المؤسسات التعليمية وأن تنكب الوزارة بالخصوص على حل هذا الإشكال المتعلق بالإضرابات”.
وخلص الناجي إلى أنه في حالة انفراج أزمة النظام الأساسي “يمكن أن ينخرط الأساتذة في مبادرات للتعليم عن بعد أو في مبادرات أخرى للتعليم الحضوري لاستدراك ما فات المتعلمين والمتعلمات وذلك عبر تنظيم حصص مكثفة للدعم التربوي”.
ذر للرماد في العيون
من جهته، اعتبر عبد النور إدريس، أستاذ محاضر مؤهل بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمكناس “أن عرض منصة للدعم والتقوية لأزيد 12 ألف مورد رقمي بدون توجيه ودون أن يستند على دروس سابقة هو مجرد ذر للرماد في العيون”.
وأكد المصرح ذاته أن “ما يمكن أن نقوم به الآن لتدعيم اللحظة الأولى التي يبدأ بها التلميذ السنة الدراسية هو التقويم التشخيصي” متسائلا “هل يمكن للتلميذ لوحده أن يَعبُر إلى الدروس وفق برنامج متسلسل ومنطقي ويحترم الزمن؟”.
وعن فلسفة الدعم التربوي، أوضح عبد النور إدريس على أن “مسألة الدعم هي بيداغوجية تأتي لإصلاح تعثرات التلاميذ من دروس سابقة، لكن في السياق الحالي الدروس لم تقدم بعد لكي ندعمها، وهذه ثغرة بيداغوجية كبيرة جدا”.
وعقد المتحدث ذاته مقارنة بين فترة كورونا التي “كنا نتحدث عن التعليم عن بعد مرفوق بمواقع إلكترونية للدعم”، وبين الفترة الحالية التي نتحدث فيها “عن الدعم في غياب التلاميذ المتعثرين، وهذا عبث”.
وأشار الخبير في التربية إلى أنه “عندما نريد أن نُحَضر التلاميذ إلى الامتحانات أو الفروض يجب أن نتوفر على الترسانة القانونية التي يفتقدها المغرب، والتي ستساهم في مأسسة التعليم عن بعد، بحيث تصبح الامتحانات الناتجة عن التعليم عن بعد تقابل بشهادات معترف بها على الصعيد الوطني والدولي”.