وهبي للمحامين: أنا منكم وأنتم مني.. وأعتذر إذا أخطأت في حقكم يوماً

قدم وزير العدل عبد اللطيف وهبي، اعتذاره “إذا كان قد أخطأ في حق المحامين في يوم من الأيام”، مؤكداً أن “كل ما وقع من مواجهات سابقة، وما قد يقع من خلافات في المستقبل، لن يُنقص من عمق ارتباطه بالمحاماة وأهلها”، وذلك خلال كلمة ألقاها الخميس 15 ماي 2025 بطنجة، بمناسبة افتتاح المؤتمر الوطني 32 للمحامين.
وفي هذا الإطار، قال وهبي إن “كل المواجهات التي وقعت، وقد تقع مواجهات أخرى في المستقبل، لن تنال مني لسبب بسيط، لأنني أنا منكم، وبين عائلتكم وبين وجودكم، لذلك لن أنفصل عنكم كيفما كانت المسؤولية، مضيفا “المسؤولية والسياسة والمناصب مرحلة، والمحامي ديمومة”.
وفي حديثه إلى زملائه المحامين، شدد وهبي على عمق العلاقة التي تجمعه بهم وبمهنة المحاماة، مؤكداً أن “أي خلاف أو اختلاف لا يعدو أن يكون مرافعة لكل منا عن موكله”، وأشار إلى أنه “تعلم من نقباء المحامين الصمود في النقاش والحدة في المرافعة، وهي قيم ومهارات رافقته حتى في تجربته الوزارية”، كما اعتبر أن “المحاماة هي مستقبله وأنه سيعود إلى المحكمة ليلتقي بزملائه مرة أخرى”.
وتابع في نفس السياق، “ربما لا تدركون ثقل هذه اللحظة على قلبي، فأنتم مني وأنا منكم”، مضيفاً أنه كان ينتظر هذا اللقاء منذ مدة، وأن أي انتقادات أو خلافات سابقة تُعد “طبيعية جداً، وإلا لن تكونوا محامين”.
وشدد الوزير على أن مهنة المحاماة تواجه تحديات كبيرة، يأتي في مقدمتها مشروع قانون المهنة، مؤكداً “تأكدوا، حين نضع قانون المهنة، لا أضعه للمحامين فقط، بل أضعه أولاً وأخيراً لنفسي كمحامٍ، ثم للمحامين كافة”.
كما اعتبر أن “أي إصلاح حقيقي لمنظومة العدالة في المغرب لا يمكن أن يتحقق دون مراجعة شاملة لمهنة المحاماة، من خلال توسيع صلاحياتها وتعزيز حصانتها”، مؤكداً أن “شروط المحاكمة العادلة لا يمكن ضمانها إلا إذا كان المتهم محمياً ومتوفرًا له جميع الضمانات، وهو ما لا يتحقق إلا بوجود المحامي”.
وأشار وهبي إلى أن ا”لنقاش حول مشروع القانون لم يكن سهلاً، بل مرّ عبر سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومع الوكيل العام للملك السابق والحالي، وكان الهمّ المشترك خلال هذه النقاشات هو ما الذي يمكن أن نقدمه فعلاً لمهنة المحاماة؟”، مشددا على أن “الاختلاف والاتفاق كان دائما لمصلحة المحامين”.
وفي هذا السياق، كشف الوزير عن عقده لأكثر من 30 اجتماعاً بشأن مشروع قانون المهنة، جمعته مع النقباء الذين وصفهم بأنهم “يحسنون المرافعة”، مشددا على أنهم “أتعبوه كما أتعبهم”، مؤكدا أن “السلطة القضائية والنيابة العامة كانتا دائما متشبثتين بتطوير المحاماة وبضمان وجودها وبتقوية دورها”، وأن “القاضي يعرف أن وجوده مرهون بالمحامي، والنيابة العامة لا يمكنها أن ترافع إلا ضد محامٍ”.
وأوضح في نفس السياق، أن مسار قانون المهنة لم ينته عند النقباء أو مؤسسات الدولة، بل انتقل إلى مؤسسة الأمة وداخل لجان العدل والتشريع في المجلسين، بمشاركة محامين، حيث أشار إلى أنه “خلال هذه الاجتماعات شعر أحياناً وكأنه يتيم في مواجهة الجميع”، قائلاً إنهم “كانوا يتواطؤون ضده”، ومع ذلك، أثنى على هدوء رئيس إحدى الهيئات الذي كان “يبتسم في وجهه وهو يرفض”، كما أشاد بقدرة النقباء على “التحدث بعيونهم أكثر من ألسنتهم”.
وفي غضون ذلك، أكد وهبي أنه “تعلم الكثير في هذا النقاش، وأن أي قرار يتخذ يجب أن يأخذ بعين الاعتبار النسق العام للقانون ومؤسسات القضاء والنيابة العامة وكتابة الضبط والمواطنين”.
كما شدد على أن “المحاماة تُعد مهنة دستورية أوكلت إليها الدولة مهمة ضمان شروط المحاكمة العادلة والدفاع عن حقوق المواطنين”، مؤكداً أن “استقلالية المحاماة لا تعني انفصالها عن الدولة، بل إن هذا الاستقلال في الممارسة والمرافعة والعمل يجعلها عنصراً أساسياً ضمن مؤسسات الدولة، وشريكاً فاعلاً في تكريس العدالة وسيادة القانون”.
وخلص وهبي إلى أن “هيئات المحامين المغربية، بجمعياتها وتنظيماتها، تتمتع بتاريخ طويل من النضال والمواقف المبدئية، سواء في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات أو في الانتصار للقضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية”، مبرزا أن “المحامين يشكلون قوة فكرية وأخلاقية وسياسية داخل المجتمع، ويساهمون بشكل أساسي في ترسيخ القيم الوطنية والمبادئ الإنسانية في الفضاء العمومي المغربي”.