story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
تكنولوجيا |

مهن كواليس كرة القدم.. الدور الهام لحامل الأمتعة

ص ص

في حياة أندية المستوى الإحترافي، قد يكون جميع اللاعبين والطاقم التقني والطبي والإداري، لازالوا في فراش النوم، بينما شخص واحد منهم تجده في الساعات الأولى للصباح، يرتدي قميصًا بسيطًا بشعار النادي، ويحمل في يديه مفاتيح غرفة الملابس بملعب التداريب، ويبدأ يوم عمله في صمت.

هو أول من يصل، وهو أول من يشعل الأضواء، ويتفقد الطاولات، ويمر على كل خزانة، ويضع الأحذية في أماكنها، الجوارب مطوية كما يحبها كل لاعب، واقيات الساق موضوعة بزاوية معينة، القمصان مصفوفة، عطور اللاعبين جاهزة، زجاجات الماء مرتبة… كل التفاصيل المرتبطة بتجهيز اللاعبين للحصص التدريبية أو المباريات الرسمية.

حامل الأمتعة أو عامل مستودع الملابس في عالم الكرة الحديثة، تطور دوره حتى أصبح أشبه بـمعد ذهني ونفسي للفريق، يعرف متى يفضل المدرب القميص الأبيض بدل الأزرق مثلا، ويعرف أن المهاجم يحب أن يكون حذاؤه ملمّعًا حتى لو كان سيلعب في جو ممطر، ويعرف أن اللاعب الفلاني لا يحب أن يلمس أحد قنينة مياهه، وأن الحارس يحتفظ بصورة أمه في جيب حقيبته… كما يعرف التواريخ، والبرنامج العام للسفر أو المعسكر، والمزاج العام للفريق، والكثير من التفاصيل التقنية حول خطط كرة القدم. فهو مثل ظل الفريق، لا يتقدمه، لا يتأخر عنه، لكنه حاضر دائمًا.

كيف تطورت المهنة؟

في بداياتها، كانت مهنة حامل الأمتعة في كرة القدم مرتبطة بشخص متطوع يعمل في النادي بشكل استثنائي يوم المباراة الرسمية. لكن اليوم، أصبح له منصب رسمي في الطاقم التقني، ومهامه محددة، بل وأصبح له مكتب ومساعدين، وأغلب الأندية الكبيرة عبر العالم، أصبحت توظف أكثر من حامل أمتعة مع الفربق الواحد، ويخضع جميع حاملي أمتعة النادي في كل فئاته، إلى رئيس عمل يسمى “مدير المعدات”.

ومنذ عام 2016، قررت الأرجنتين أن تُنصف هؤلاء الجنود المجهولين. فأعلنت العاشر من نونبر يومًا وطنيًا للاحتفال بحاملي الأمتعة الرياضيين، وفي هذا اليوم، يظهر اسم حامل الأمتعة إلى جانب أسماء اللاعبين، يصعد معهم إلى أرضية الملعب، ويأخذ لحظة تصفيق لم تكن تُمنح له سابقًا.

مهنة بأهمية بالغة

في قصته “حكاية عامل غرفة الملابس” يؤكد رسام الكاريكاتير والكاتب الأرجنتيني روبيرتو فونتاناروسا أن قلب الهجوم ليس أفضل مركز في كرة القدم، بل مركز حامل الأمتعة. ويشرح فونتاناروسا من خلال قصته أسباب هذا الادعاء، فهذه الوظيفة، بكل ما تتضمنه من التعامل مع أقمصة وسراويل وأحذية لا تزال أفضل بكثير من وظيفة اللاعب أو المدرب.

فعلى الرغم من أن عامل غرف الملابس مجهول للجماهير، بل ربما مجهول للغاية، يظل مطمئناً على وظيفته، لن تلعنه الجماهير لإضاعة فرصة مهمة في وقت حساس، ولن تطرده الإدارة لأنه سبب في سوء مستوى الفريق. ومع ذلك، لا يمكن لفريق كرة قدم أن يعمل دون وجوده، لأنه أكثر أهمية مما نعتقد.

تفاصيل عمل شاق

في نوفمبر 2022 نشرت قناة ريال مدريد الرسمية على منصة اليوتوب مقطعاً مصوراً بعنوان «كيف يعمل عمال مهمات ريال مدريد؟». خلال المقطع يشرح مانولين الذي يعمل في ريال مدريد منذ 30 عاماً طبيعة وظيفته الشاقة، التي وصفها بتدليل النجوم.

يبدأ حاملو الأمتعة عملهم في السابعة صباحاً كل يوم، أي قبل انطلاق التدريبات بثلاث ساعات كاملة. ويتضمن روتين العمل اليومي تجهيز أطقم اللاعبين، بحسب ما يفضل كل لاعب، إضافة إلى نفخ الكرات المستخدمة في التداريب، ثم إخراج المرمى، والأدوات من المخازن.

يشرح مانولين أنه في تواصل دائم مع مساعد المدرب صباح كل يوم لمعرفة ماهية الحصة التدريبية ومن ثم تقسيم الملعب باستخدام الأدوات طبقاً لأهداف المدرب من الحصة التدريبية. مع ذلك، لا ينتهي دور حاملي الأمتعة عند هذا الحد، بل يستمر دورهم لمراقبة حالة الكرات أثناء التدريب، المساعدة في نقل الأدوات، أو استرجاع أي كرة طائشة سددها أي لاعب خارج الملعب.

لا تختلف تحضيرات يوم المباراة كثيراً، إذ يقوم عمال المهمات بتجهيز أقمصة اللاعبين، وتحضير ملابس المبيت إن كانت المباراة خارج المدينة. ويتم ذلك بدقة ليس فيها هامش للخطأ أو النسيان.

مهارات ورواتب متدنية

من جانبه يرى نيل جونز، حامل أمتعة منتخب إنجلترا، أن التحضير للبطولات الدولية أصعب، إذ يستغرق نحو سبعة أيام كاملة، ويتطلب دراية كاملة بطقس البلد الذي يستضيف البطولة، وسرعة بديهة كافية لحل المشكلات التي قد تؤرق البعثة خارج الديار.

في المقابل، لا يجني عامل غرف الملابس كثيراً من المال نظير عمله الشاق، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة “دايلي ميل” البريطانية أن متوسط رواتب حاملي الأمتعة في بطولة “شامبيونشيب” الإنجليزية، لم يتعد سنة 2024 سوى 33 ألف جنيه إسترليني في السنة، أي تقريباً ما يتقاضاه لاعب بمستوى متوسط خلال أسبوع.

شهادات نجوم الكرة

في سيرته الذاتية، وصف دينيس بيركامب نجم آرسنال السابق حامل أمتعة الفريق “فيكتور أكير” بأنه أفضل صديق له في النادي الإنجليزي. كان “أكير” الموظف الذي حافظ على وظيفته لمدة أكبر من آرسين فينغر، رفيقاً لصانع الألعاب الهولندي في رحلات القطار المضنية حول أوروبا، إذ كان بيركامب يخاف ركوب الطائرات.

في حين كان “ليس تشابمان” أكثر من مجرد عامل في غرفة ملابس مانشستر سيتي، فقبل أن يصمم قميص «Why Always me» الخاص ببالوتيلي، كان قد قرر أن يزور أبناء الفرنسي أنطوان سيبيريسكي مرتدياً زي سانتا كلوز فقط من أجل يمنحهم البهجة في ليلة عيد الميلاد. كانت لديه علاقة إنسانية رائعة مع اللاعبين.

وعلى الجهة المقابلة من مدينة مانشستر، وفي المان حاول “ألبرت مورغان” حامل أمتعة الفريق في أول ظهور حقيقي له أمام الجماهير منع الفرنسي إيريك كانتونا من ضرب مشجع كريستال بالاس عام 1995، ولولاه لما توقفت الأمور عند ذلك الحد.

في نفس السياق، تحدث اللاعب الأيرلندي كيڤين كيليان في سيرته الذاتية عن تخطي حامل أمتعة المنتخب “جوني فالون” لوظيفته الرتيبة وتحوله لما هو أشبه بطبيب نفسي، إذ كان أكبر داعميه في الأوقات الصعبة مثل: مساعدته على تخطي إحباط أصابه بعد أداء هزيل خلال مباراته الدولية الأولى، أو حتى التعامل مع تشخيص ابنته بمتلازمة داون.