“ضعف الإمكانيات وتضييق الحريات”.. تقرير يرصد معوقات الترافع البيئي في المغرب

أفاد تقرير حديث أن جهود الترافع البيئي في المغرب تواجه تحديات متعددة، في مقدمتها ضعف الإمكانيات وتضييق نطاق النشاط المدني، الذي يشكل أحد أبرز العوائق أمام فاعلية منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال.
وفي هذا الصدد، أوضح التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن “البيئة القانونية والسياسية في المغرب تضع عراقيل أمام الجمعيات البيئية، رغم ما ينص عليه دستور 2011 من ضمانات للمشاركة المدنية وتقديم العرائض”، حيث أشار إلى أن “هذه الآليات القانونية غالباً ما تكون غير فعالة بسبب العقبات البيروقراطية والانتقائية في الاستجابة الرسمية”.
وتتفاقم هذه التحديات، حسب التقرير المعنون بـ “الترافع البيئي في المغرب: التحديات، الاستراتيجيات، والعوائق المؤسساتية”، بفعل الديناميات السياسية المحلية، خاصة في المناطق القروية والمهمشة، حيث تخضع الجمعيات لرقابة مشددة من السلطات، وتُواجه حملاتها الخاصة بقضايا مثل خوصصة المياه أو تدهور الأراضي بالتجاهل أو التأجيل”.
وفي ما يتعلق بمناخ الحريات، بيّن التقرير أن 44% من منظمات المجتمع المدني التي شملها الاستبيان، أفادت بتقلص حرية التعبير وتكوين الجمعيات مؤخرًا، مشيرة إلى تزايد الإحساس بالتضييق في المساحات المتاحة للمجتمع المدني.
وقد استشهد أحد المشاركين بحالة طُلب فيها من رئيس جمعية في منطقة بني ملال تقديم لائحة بالأنشطة السنوية المتوقعة وسجل بالأنشطة السابقة إلى “المقدم” ممثل السلطة المحلية، “وهو ما اعتُبر وسيلة مباشرة لثني الجمعية عن القيام بأي نشاط مستقبلي.”
وفي السياق نفسه، لفت المصدر إلى “أن 22% من المنظمات المستجوبة صرحت بتعرضها لتهديدات غير مباشرة أو عراقيل متعمدة بعد مشاركتها في أنشطة ترافع بيئي، ما يزيد من مناخ التخوف ويقيد المبادرات”.
من جهة أخرى، أوضحت الوثيقة ذاتها، أن “منظمات المجتمع المدني تجد صعوبات في الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع ترافعية طويلة الأمد، إذ تعتمد معظمها على تمويل قصير المدى قائم على المشاريع، ما يضعف قدرتها على التخطيط الاستراتيجي”، مضيفة أن “الجماعات المحلية بدورها تعجز عن تمويل هذه الجمعيات، إذ تكتفي أحيانًا بتقديم تجهيزات لوجستية بدل الدعم المالي المباشر”.
ومن جانب آخر، أبرز المصدر أن “ضعف القدرات المؤسساتية للجماعات الترابية يشكل عائقا كبيرا أمام الترافع البيئي”، مبرزا أن “الجماعات تفتقر إلى الموارد المالية والخبرات التقنية والصلاحيات اللازمة لتنفيذ سياسات بيئية فعالة، رغم التزامات اللامركزية المنصوص عليها دستوريا”.
كما أشار التقرير إلى العوائق المرتبطة بإدارة البيانات البيئية، موضحاً أن تجزؤها بين المؤسسات المختلفة يُعيق الوصول إلى معطيات دقيقة تؤسس لقرارات بيئية مبنية على الأدلة، فضلاً عن صعوبة حصول الجمعيات على المعلومات من مؤسسات حكومية مثل وزارة الانتقال الطاقي ووكالات الأحواض المائية.
وعلى مستوى آخر، أبرز التقرير أيضا “ضعف القدرات الداخلية لدى منظمات المجتمع المدني نفسها، موضحا أن 28% فقط منها تتوفر على قسم بحثي، بينما قيّم 50% فعالية جهودهم في تغيير السياسات البيئية بدرجة متوسطة لا تتجاوز 3 من أصل 5، وهو ما يعكس محدودية التأثير”.
وخلص المعهد المغربي لتحليل السياسات إلى أن 75% من الجمعيات لا تتوفر على موارد بشرية أو أقسام متخصصة في جمع التمويل، وهو ما يجعل هذا الأخير، وفقا للتقرير، “نقطة ضعف قاتلة” بالنسبة لغالبية الناشطين ومديري المنظمات، خاصة في ظل الحاجة الملحة إلى تحرير آليات التمويل الجماعي والتبرعات عبر الإنترنت، بما يسمح بتعبئة أوسع للموارد وتعزيز فاعلية الترافع.