أمريكا تفصل المشروع النووي السعودي عن شرط التطبيع بين الرياض وتل أبيب

تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن شرط تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل مقابل التقدم في محادثات التعاون بين واشنطن والرياض في مجال الطاقة النووية المدنية، وذلك بحسب ما بحسب ما أفاد به مصدران مطلعان على الأمر لوكالة رويترز.
ويُعتبر التراجع عن مطلب إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، قبيل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة الأسبوع المقبل، تنازلاً كبيراً من واشنطن. بحيث أنه في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، كانت المحادثات النووية جزءاً من صفقة أوسع بين الولايات المتحدة والسعودية، ترتبط بالتطبيع وبهدف الرياض في التوصل إلى معاهدة دفاع مع واشنطن.
وعلاقة بذلك، صرّحت المملكة العربية السعودية مراراً بأنها لن تعترف بإسرائيل دون قيام دولة فلسطينية، “مما أحبط محاولات إدارة بايدن لتوسيع اتفاقيات أبراهام التي وُقعت خلال الولاية الأولى لترامب، والتي طبّعت بموجبها الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب علاقاتها مع إسرائيل”.
وزادت الحرب الهمجية الإسرائيلية على قطاع غزة غداة عملية “طوفان الأقصى”، في السابع من أكتوبر عام 2023، من تشدد الموقف السعودي، إذ توقفت أي خطوات نحو اعتراف سعودي بإسرائيل بسبب الغضب العارم في الدول العربية من الحرب الإسرائيلية في غزة.
إضافة إلى ذلك، تعثرت المحادثات النووية أيضاً بسبب مخاوف واشنطن بشأن الانتشار النووي بالمنطقة.
وفي مؤشر محتمل على نهج جديد، قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت إن السعودية والولايات المتحدة تسيران في “مسار” نحو اتفاق نووي مدني، وذلك خلال زيارته للمملكة في أبريل الماضي.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جيمس هيويت، رداً على طلب للتعليق من رويترز: “عندما يكون لدينا ما نعلنه، ستسمعونه من الرئيس. أي تقارير عن هذا الأمر هي محض تكهنات”. فيما لم يرد المكتب الإعلامي للحكومة السعودية من جهته، على طلب للتعليق.
“وحتى مع إزالة شرط التطبيع لتقدّم المحادثات النووية المدنية، ورغم فصل هذه القضية عن معاهدة دفاع أوسع، إلا أن التوصل إلى اتفاق لا يزال بعيد المنال”، بحسب أحد المصدرين اللذين تحدثا لرويترز.
ومن النقاط العالقة في الاتفاق بين الرياض وواشنطن، “المادة 123” من قانون الطاقة الذرية الأميركي، التي تتيح التعاون مع دول أخرى في تطوير قدرات نووية مدنية لكنها تضع معايير لمنع الانتشار النووي، من بينها الحد من تخصيب اليورانيوم.
وقد صرّح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بأن المملكة “ستسعى إلى تخصيب اليورانيوم وبيع المنتج”، يضيف ذات المصدر.
وذكر أحد المصدرين أن المملكة لا تزال غير راغبة في توقيع ما يسمى “اتفاق 123″، الذي يمنع تخصيب أو إعادة معالجة البلوتونيوم الناتج عن المفاعلات – وهما مساران يمكن أن يؤديا في نهاية المطاف إلى إنتاج أسلحة نووية.
وفي هذا الصدد، كان الوزير رايت قد صرّح سابقاً لوكالة رويترز بأن اتفاق 123 سيكون شرطاً مسبقاً لأي صفقة. ومع ذلك، هناك عدة طرق ممكنة لصياغة اتفاق يحقق أهداف البلدين، وفق ما قاله رايت.
ومن بين الحلول التي يتم مناقشتها ما يسمى “ترتيب الصندوق الأسود”، حيث لا يُسمح سوى للموظفين الأميركيين بالوصول إلى منشأة تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، بحسب ما ذكره نفس المصدر.
بيع المزيد من النفط
تسعى الرياض إلى بناء قدرات لتوليد الطاقة النووية في إطار مساعيها لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط. كما أن الطاقة النووية قد تساعد في تحرير مزيد من براميل النفط للتصدير.
وقد أعرب نشطاء مراقبة التسلح في السابق عن قلقهم بشأن البرنامج النووي السعودي، لأن الحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صرح بأن المملكة ستسعى لتطوير أسلحة نووية بسرعة إذا ما قامت منافستها الإقليمية، إيران، بذلك.
وتُجري الولايات المتحدة وإيران حالياً محادثات بشأن برنامج طهران النووي، الذي تقول واشنطن وحلفاؤها الغربيون إنه يهدف إلى إنتاج أسلحة. بينما تصر إيران على أن برنامجها ذو أهداف مدنية بحتة.
وقال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس أول أمس الأربعاء إن المحادثات مع إيران تسير “حتى الآن بشكل جيد”، وأشار إلى وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق يعيد دمج إيران في الاقتصاد العالمي ويمنعها من الحصول على سلاح نووي.
ومن المقرر أن تناقش السعودية والولايات المتحدة عدداً من الصفقات الاقتصادية الضخمة خلال زيارة ترامب المقبلة، حيث من المنتظر أن تعرض واشنطن على السعودية صفقة تسليح تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار، وفقاً لمصادر تحدثت إلى رويترز.
وقد صرّح ترامب، في وقت سابق، بأن على الرياض أن “تستكمل” حزمة الاستثمارات المخطط لها في الولايات المتحدة لتصل إلى تريليون دولار، بعد أن كانت قيمتها الأولية 600 مليار دولار.
وتُعد هذه الرحلة ثاني زيارة خارجية لدونالد ترامب منذ عودته إلى منصبه في يناير الماضي، بعد زيارة قصيرة إلى روما لحضور جنازة البابا أبريل المنصرم. وخلال ولايته الأولى، قام بزيارة فاخرة إلى السعودية وكانت هي أول محطة خارجية له.
وقد عمل ترامب على تعزيز علاقاته مع دول الخليج، بما في ذلك السعودية، خلال ولايته الأولى.
وقد استثمرت المملكة العربية السعودية 2 مليار دولار في شركة أسسها جاريد كوشنر، صهر ترامب ومساعده السابق، بعد مغادرته منصبه، وهناك خطط لبناء برجين يحملان اسم “ترامب” في كل من جدة والرياض.