حقوقيون يطالبون بوقف المتابعات القضائية ضد الصحافيين

أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانًا، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة السبت 03 ماي 2025، دعت فيه إلى احترام تام لحرية الصحافة والتعبير، ووقف المتابعات القضائية في حق الصحافيين بناءً على القانون الجنائي، معتبرة أن الدفاع عن الصحافة الحرة هو دفاع عن الديمقراطية والعدالة وكرامة الإنسان.
وأكدت العصبة في بيانها، أن حرية الصحافة ليست امتيازاً، بل حق أصيل من حقوق الإنسان، مشددة على ضرورة احترام الدستور المغربي الذي يكفل حرية الرأي والتعبير، ووقف كل أشكال توظيف القضاء لاستهداف الصحافيين، كما دعت إلى الاقتصار على تطبيق قانون الصحافة والنشر في ما يتعلق بالممارسة المهنية.
وطالبت بضرورة تطهير الإعلام العمومي من التوجيه السياسي والاقتصادي، وجعله فضاءً للتعددية والرأي الحر، إلى جانب الدعوة لتعزيز التكوين الأكاديمي والمعرفي للصحافيين، وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والمادية، بما يضمن الحد الأدنى من الكرامة والاستقلالية.
وفي السياق ذاته، دعت العصبة إلى إنشاء آلية وطنية مستقلة لمراقبة المحتوى الإعلامي والتصدي لخطاب التشهير، مع تفعيل ميثاق الأخلاقيات المهنية كوثيقة ملزمة قانونياً وأخلاقياً، مشددة على ضرورة أن يتحمل المجلس الوطني للصحافة مسؤوليته في تأديب المخالفين دون انتقائية أو تواطؤ.
ونبّه المصدر، إلى خطورة استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر الكراهية والمعلومات المضللة، مطالبا بإطار قانوني وأخلاقي يراعي حقوق الإنسان ويحمي الحقيقة، داعيا في نفس السياق، إلى ترسيخ قيم التضامن المهني بين العاملين في قطاع الصحافة، وإحياء روح الزمالة في مواجهة الانقسام والتفرقة.
ونددت البيان بالمضايقات التي يتعرض لها الصحافيون والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب منشوراتهم المناهضة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا أن تواطؤ المنصات الرقمية في قمع هذه الأصوات يمثل انخراطًا مكشوفًا في الجريمة، ومصادرة صريحة لحرية التعبير.
وشددت العصبة على تضامنها الكامل مع كافة الصحافيين الشرفاء، وتجديد مطلبها بالإفراج عن جميع المعتقلين بسبب آرائهم أو أعمالهم الصحفية، مؤكدة عزمها على مواصلة النضال من أجل صحافة حرة ومغرب ديمقراطي قوي بمؤسساته وكلمته المستقلة.
انتكاسات مقلقة
ووقفت العصبة على ما وصفته بـ”الانتكاسات المقلقة” التي يعيشها واقع حرية الصحافة في المغرب، مسجلة ما اعتبرته تراجعًا خطيرًا في مؤشرات حرية التعبير، وتناميًا لممارسات وأسباب ذاتية وبنيوية تفرغ المهنة من أدوارها الحقيقية في مساءلة السلطة والدفاع عن الحقيقة.
وسجلت الهيئة الحقوقية، استمرار محاكمة الصحافيين خارج إطار قانون الصحافة والنشر، واللجوء المتزايد إلى فصول القانون الجنائي في قضايا ذات طابع مهني صرف، معتبرة أن ذلك يمثل “انحرافًا خطيرًا” في التعامل مع الصحافة المستقلة، ويؤكد استمرار ما أسمته “منطق التأديب وتكميم الأفواه”، خاصة حين تُوجَّه للصحافيين تهم مشينة تمس شرفهم المهني والإنساني.
وأشار البيان إلى “سيطرة منطق الريع والإشهار الموجه على تمويل الإعلام”، وهو ما يؤدي إلى تقويض استقلالية القرار التحريري وتحويل الصحافة إلى أداة لتبرير سياسات السلطة بدل مساءلتها، منبها إلى هشاشة أوضاع الصحافيين المهنية والمادية، وضعف التكوين الأكاديمي، مما يؤثر سلبًا على جودة المنتوج الإعلامي، ويعمق من هشاشة المهنة.
ونبهت العصبة إلى غياب التضامن المهني وتفشي سلوكيات التشهير والعدوانية بين العاملين في الحقل الإعلامي، محذرة من سياسة التسامح مع حملات التشهير، التي تحوّلت إلى أدوات لتصفية الحسابات وضرب المدافعين عن حقوق الإنسان، بل واستغلال بعض المنابر الممولة من المال العام في إنتاج محتوى موجه يفتقر للمهنية والتعددية.
وأكد البيان أن الخوف أصبح سمة عامة تهيمن على الصحافيين، في ظل شعور دائم بالتهديد، سواء من المتابعات القضائية، أو من الإفلاس المالي، أو التصفية المعنوية، في الوقت الذي صار فيه الإغراء المالي والسياسي أداة لإخضاع الإعلام عن طريق التمويلات المشروطة والإشهار الانتقائي.
وفي هذا السياق، شددت العصبة على أن “التشهير ليس رأياً”، واعتبرت أن التطبيع معه يمثّل خطرًا مباشرًا على حرية التعبير والديمقراطية، مشيرة إلى أن المواثيق الدولية تُجرّم التشهير باعتباره انتهاكاً للكرامة والحياة الخاصة، واعتداءً على مبدأ العدالة، خاصة حين يكون بديلاً للأحكام القضائية أو وسيلة للتأثير على الرأي العام.
وأكدت على أن النقد البناء يظل ضرورياً لصحة المجتمع، لكنه لا يجب أن يتحول إلى سب وقذف وتحريض على الكراهية، داعية إلى الدفاع عن الصحافة كسلطة رابعة حقيقية، وصيانة حرية التعبير كشرط أساسي لبناء مغرب ديمقراطي قوي بكلمة حرة ومهنية نزيهة.
جنود الكلمة
وأعلنت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن تضامنها المطلق واللامشروط مع الصحافيات والصحافيين في فلسطين، الذين يتعرضون لاستهداف مباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، فقط لأنهم يمارسون دورهم المهني في نقل الحقيقة وتوثيق الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأكدت أن ما يتعرض له الجسم الصحافي في غزة والضفة الغربية من تقتيل منهجي، وتدمير ممنهج لمقرات وسائل الإعلام، يُعدّ جريمة حرب موثقة تُضاف إلى السجل الأسود للاحتلال، ويعكس سعيه المحموم إلى إسكات الشهود ومنع نقل الوقائع إلى الرأي العام العالمي.
وفي السياق ذاته، عبر المصدر ذاته، عن تضامنها مع كافة الصحافيين العاملين في مناطق النزاع المسلح عبر العالم، والذين يواجهون تهديدات دائمة، ويضحّون بحياتهم في سبيل أداء رسالتهم المهنية ونقل الحقيقة في ظروف غاية في الصعوبة.
واعتبر البيان، أن الصحافيين في هذه السياقات هم “جنود الكلمة”، الذين يواجهون الرصاص بالحقيقة، داعية المجتمع الدولي إلى توفير حماية قانونية خاصة لهم، واتخاذ إجراءات عملية تضمن أمنهم وسلامتهم، وتمكّنهم من أداء مهامهم النبيلة في خدمة الحقيقة وحقوق الإنسان.