story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

مع اقتراب عيد الشغل.. نقابات ترسم صورة قاتمة عن وضع العمال وعن مسار الحوار الاجتماعي

ص ص

رسمت معظم المركزيات النقابية بالمغرب صورة قاتمة عن أوضاع الشغيلة، مع اقتراب تخليد العيد الأممي للعمال، الذي يصادف الخميس فاتح ماي 2025، مسجلة تفاقم تردي الأوضاع الاجتماعية وتدهور القدرة الشرائية واستمرار التضييق على الحريات النقابية.

وقد تلاقت التصريحات التي استقتها صحيفة “صوت المغرب” من قادة النقابات حول تقييمهم للوضع الراهن، حيث أجمعت على التعبير عن امتعاضها من طريقة تعاطي الحكومة مع المطالب الاجتماعية للطبقة العاملة، معتبرة أن مخرجات الحوار الاجتماعي لا ترقى إلى حجم الانتظارات، ولا تعكس جدية في الاستجابة لمطالب الأجراء.

وسجلت النقابات، عبر مواقفها، رفضها تمرير ما وصفته بـ”القوانين التكبيلية”، التي تمس بالحقوق الأساسية وعلى رأسها الحق في الإضراب، إلى جانب انتقادها للارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة وضرب المكتسبات الاجتماعية، وسط تحذيرات من تداعيات هذا النهج على الاستقرار الاجتماعي بالمغرب.

هجوم على الحقوق

وفي السياق، أكد الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن تخليد فاتح ماي لهذه السنة “يتم في ظل ظروف استثنائية بالغة الصعوبة”، أبرزها ارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور القدرة الشرائية لعموم المواطنين، وعلى رأسهم الطبقة العاملة الكادحة.

وفي تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أوضح موخاريق أن هذه المناسبة تحل في أجواء تتسم أيضًا بتصعيد الهجوم على الحريات النقابية، حيث أقدمت الحكومة على تمرير ما وصفه بـ”قانون تكبيل الحق النقابي”، وذلك خارج مؤسسة الحوار الاجتماعي، معتبراً أن هذا السلوك “يعد اعتداءً صارخاً على الحق في الإضراب، باعتباره حقًا أساسياً من حقوق الإنسان”.

وأشار الأمين العام للاتحاد في نفس السياق، إلى أن أسباب الإضرابات المتواصلة بالمغرب تعود بنسبة تقارب 70 بالمئة إلى “عدم تطبيق تشريعات العمل وعدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، محملاً الحكومة مسؤولية تردي الأوضاع الاجتماعية والمهنية.

وأضاف موخاريق أن الاتحاد المغربي للشغل قدم مجموعة من المطالب خلال الاجتماع مع الحكومة بتاريخ 22 أبريل 2025، وعلى رأسها، الزيادة العامة في الأجور، والرفع من معاشات التقاعد، والتخفيف من العبء الضريبي، ومراجعة التعويضات العائلية، معتبراً أن القيمة الحالية للتعويضات المقدرة بـ300 درهم عن كل طفل، وفي حدود ثلاثة أطفال فقط، “لم تعد كافية لتغطية كلفة تربية الأطفال وتعليمهم”.

وعلى صعيد آخر شدد موخاريق على ضرورة حماية الحريات النقابية، التي أصبحت، بحسب تعبيره، “تٌنتهك بشكل سافر أمام أنظار السلطات العمومية”، مستنكراً الطرد التعسفي الذي يطال النقابيين بمجرد تأسيس مكاتب نقابية.

وفي السياق ذاته، جدد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل مطلب فتح الحوارات القطاعية في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والجماعات المحلية، لوقف التدهور ومعالجة الاختلالات التي تعرفها هذه المجالات.

وخلص موخاريق إلى أن أجواء فاتح ماي لهذه السنة يطبعها التوتر والانشغال بمستقبل العمل النقابي، مؤكداً أن تخليد هذا العيد العمالي يتزامن مع الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس الاتحاد المغربي للشغل، الذي يعود إلى 20 مارس 1955، حيث يستحضر المناضلون أول فاتح ماي بعد استقلال المغرب، حين نظمت مسيرات ضخمة جسدت آنذاك روح النضال العمالي.

مقاربة إقصائية

من جانبه سجل محمد الزويتن، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أنه مع اقتراب فاتح ماي لا زالات الحكومة تعتمد في الحوار الاجتماعي على “مقاربة إقصائية” طالت الاتحاد الوطني للشغل، رغم توفره على تمثيلية وازنة بحوالي 2900 مندوب ومستشارين برلمانيين، مشيرا إلى أن الحكومة “تكتفي بالحوار مع ثلاث مركزيات نقابية فقط، مستندة إلى تأويل خاص لإحدى مواد مدونة الشغل”.

وانتقد الزويتن استمرار الحكومة في اعتماد “منهجية تحكمية وهيمنة على المؤسسات المنتخبة”، سواء في مجلس النواب، أو مجلس المستشارين، أو الجماعات والمقاطعات، مشدداً على أن هذا السلوك “لا يعكس مقاربة تشاركية بل مقاربة إقصائية واضحة”.

وأوضح أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، رغم هذه العراقيل، يواصل حضوره في الحوارات القطاعية عبر فروعه المنتشرة في مختلف أقاليم المملكة، خصوصاً في قطاعات التعليم، والعدل، والصحة وغيرها، ومع ذلك، يضيف الزويتن، “لا نحظى بالمكانة المستحقة داخل الحوار الاجتماعي الذي ينبغي أن يشمل جميع القوى الحقيقية على الأرض”.

وفي حديثه عن الوضع الاجتماعي، عبر الزويتن عن قلق الاتحاد الوطني من “الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الأساسية، الذي أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية لعموم المواطنين”، مبرزا أنه “ورغم اعتراف بعض أعضاء الحكومة بهذا الغلاء، إلا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لمعالجته”.

وشدد الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على ضرورة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول دعم المواشي وظاهرة المضاربات في الأسواق، معتبراً أن الغلاء المتزايد “عمّق معاناة الشغيلة والمواطنين في غياب أي إجراءات للحماية أو للدعم الاجتماعي الفعلي”.

أما بخصوص مشروع قانون الإضراب، فقد جدّد الزويتن رفض الاتحاد لكل محاولات تمرير قانون يقيد الحق الدستوري في الإضراب، معتبراً أن “أي مساس بهذا الحق يعد انتهاكاً صارخاً للحريات العامة وللمكتسبات النقابية التي تحققت بفضل سنوات من النضال”.

وأكد الزويتن أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يطالب بضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يحترم الكرامة الإنسانية ويوفر شروط العيش الكريم، كما يرفض أي مساس بالحقوق والمكتسبات الاجتماعية، بما فيها المكتسبات المتعلقة بالتقاعد، والتغطية الصحية، والالتزامات الحكومية السابقة التي لا تزال حبيسة الرفوف.

وعبّر محمد الزويتن عن تضامن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الكامل مع الشعب الفلسطيني، في ظل الإبادة الوحشية التي يتعرض لها في قطاع غزة، معتبراً أن الصمت الدولي المريب تجاه هذه الجرائم وصمة عار على جبين الإنسانية.

ودعا الحكومة المغربية وكافة الحكومات إلى مراجعة علاقاتها مع الكيان الصهيوني، ووقف كافة أشكال التطبيع نصرة للحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

محطة نضالية

فيما أكد يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الكونفدرالية تستعد لتخليد عيد الشغل لفاتح ماي لهذه السنة باعتباره محطة نضالية جديدة ضمن سلسلة المحطات النضالية التي خاضتها خلال هذا العام.

وأوضح فيراشين أن هذه المناسبة ستكون معركة احتجاجية ضد الوضع الاجتماعي العام، مع التركيز على عدد من القوانين والمستجدات التي مررتها الحكومة، والتي تعتبرها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل “تفتقر إلى الشرعية الاجتماعية والديمقراطية”.

وأشار إلى أن من أبرز الملفات التي سيتم تسليط الضوء عليها مشروع قانون تنظيم الإضراب، حيث تطالب الكونفدرالية بإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي، “نظراً لكونه لا ينسجم مع المواثيق الدولية ويحد من ممارسة الحق الدستوري في الإضراب”.

وفي السياق ذاته، نبه إلى “خطورة الغلاء الفاحش والأزمة الاجتماعية الخانقة التي يعاني منها المواطنون”، مبرزاً أن المؤشرات السلبية تتعدد من ارتفاع معدلات البطالة إلى تدهور القدرة الشرائية، حيث تجاوزت نسبة عدم رضا الأسر المغربية عن مستوى المعيشة 80% بحسب آخر الإحصاءات.

وشدد على ضرورة استجابة الحكومة العاجلة لمطالب الزيادة في الأجور ومعاشات المتقاعدين، التي ظلت مجمدة منذ سنوات، باعتبارها مطلباً أساسياً لاستعادة جزء من الكرامة الاجتماعية للطبقة العاملة.

كما عبر فيراشين عن “القلق العميق” إزاء أوضاع الحريات النقابية، حيث تستمر عمليات التضييق على العمل النقابي وطرد النقابيين بسبب نشاطهم، “في تناقض صارخ مع مقتضيات الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية”.

وفي ما يخص الحوار الاجتماعي، أوضح أن اتفاق 30 أبريل 2022 “بقي معطلاً دون تنفيذ فعلي من قبل الحكومة”، ما يدفع الكونفدرالية إلى المطالبة بالارتقاء بالحوار الاجتماعي إلى مستوى قانون إطار ملزم على المستويات المركزية والقطاعية والترابية.

وأكد أن العديد من القطاعات الحيوية، مثل التعليم والتعليم العالي والجماعات الترابية، تعيش “أوضاعاً متعثرة” بسبب إخلال بعض الوزارات بالتزاماتها أو عدم التوصل إلى اتفاقات بخصوص الأنظمة الأساسية.

وأثار الانتباه إلى تفاقم النزاعات الاجتماعية بفعل غياب اجتماعات لجان البحث والمصالحة برئاسة العمال، ما يؤدي إلى استمرار النزاعات الاجتماعية لمدد طويلة دون حلول ناجعة.

وأكد فيراشين على أن الوضع الاجتماعي يمر بـ”أزمة خانقة”، في ظل توجه الحكومة نحو مزيد من التضييق على الحقوق والحريات واعتماد قوانين تراجعية تمس المكتسبات الاجتماعية، مشدداً على أن فاتح ماي لهذه السنة “لن يكون مناسبة للاحتفال بل سيكون محطة احتجاجية نضالية، تتلوها محطات أخرى في قادم الأيام”.