story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

محامية: التعويض المالي في قضية اغتصاب خطوة هامة لكن النسب يبقى التحدي الأكبر

ص ص

حظي الحكم الصادر عن محكمة النقض في 15 أبريل 2025، والذي يعتبر غير مسبوق في تاريخ القضاء المغربي، بتفاعلات واسعة من قبل الحقوقيين والمحامين، فقد جاء هذا القرار ليكسر جموداً قانونياً طالما أضعف من حقوق الأطفال المولودين من الاغتصاب، حيث أقر لأول مرة بأن للطفل الحق في التعويض المالي من والده البيولوجي في إطار المسؤولية التقصيرية.

وفي تفاصيل هذه القضية، قام رجل باغتصاب فتاة معاقة نتج عنه حملها وإنجابها لطفل، وبعد أن تم الحكم على الرجل بسنة واحدة من الحبس النافذ، طالبت الأم بتعويض لفائدة ابنها أمام المحكمة الابتدائية بالحسيمة، إلا أن المحكمة رفضت الطلب بدعوى أن “البنوة غير الشرعية لا ترتب أثراً ولا تستحق نفقة”، وبدورها أيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم ورفضت طلب التعويض.

بعد ذلك، طعن دفاع الأم في القرار أمام محكمة النقض، التي أصدرت حكمها بتاريخ 15 أبريل 2025 بنقض القرار الاستئنافي، حيث اعتبرت محكمة النقض أن “الولد ضحية ويحق له التعويض في إطار المسؤولية التقصيرية”، كما قررت إحالة الملف إلى محكمة الاستئناف بفاس لإعادة النظر فيه، وإجراء خبرة جينية للتأكد من النسب قبل الحكم بالتعويض لفائدة الابن.

وفي تعليلها للحكم، أكدت محكمة النقض أن للمحكمة صلاحية تكييف طلبات الخصوم بحسب طبيعتها القانونية، وأن الحكم على المغتصب بالحبس لا يعفيه من تحمل مسؤولية الولد الناتج عن فعله، كما اعتبرت أن “حمل الفتاة دون رضاها يشكل ضرراً محققاً أصاب الولد في حاضره ومستقبله، مما يبرر حقه في التعويض”، مع تشديدها على أن المولود “لا ذنب له فيما ارتكبه والده ويجب حمايته”.

وفي تعليقها على الحكم، اعتبرت المحامية بهيئة الرباط والناشطة الحقوقية فتيحة اشتاتو، أن الحكم بتعويض الأطفال المولودين خارج العلاقة الزوجية “خطوة مهمة”، وذلك بالنظر إلى أن الأطفال يحتاجون فعلاً إلى المال من أجل الأكل والعيش والصحة والتعليم، كما أن توفير النفقة يساعد الأم على تلبية احتياجات طفلها، وضمان احتياجاته الأساسية التي تضمن له الاستمرار في الحياة.

وبالرغم من ذلك، اعتبرت اشتاتو أن الخطوة وعلى أهميتها، إلا أنها تظل “غير كافية” لضمان الحقوق الكاملة للأطفال، حيث أكدت أن “التعويض المالي وحده غير كافٍ لمعالجة الوضعية القانونية للطفل، وذلك في غياب النسب، ما يحرم الطفل من هوية قانونية واجتماعية متكاملة، كما أنه يتسبب في معاناة إضافية للأم من خلال النظرة الاجتماعية القاسية إضافة إلى الصعوبات القانونية”.

وأشارت إلى أن مدونة الأسرة تعتبر الخبرة الجينية وسيلة لإثبات النسب أو نفيه، لكنها أوضحت أن هذا الإجراء محدود التطبيق عندما يتعلق الأمر بعلاقات غير موثقة مثل الاغتصاب، مبرزة أن إثبات النسب في هذه الحالات يتطلب شروطاً معقدة تتعلق بالاعتراف بالنسب من قبل الأب البيولوجي، مثل وجود علاقة شرعية أو شبهة، أو إقرار الأب بالنسب كما هو منصوص عليه في المادة 160 من مدونة الأسرة، والتي اعتبرتها المتحدثة أنها لا دخل للطفل فيها، وتجعل وضعية الطفل رهينة بإرادة الأب البيولوجي.

وأضافت اشتاتو إلى أن اتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها المغرب، تشدد على عدم التمييز بين الأطفال، حيث يجب ضمان حقوقهم بغض النظر عن الظروف التي وُلدوا فيها، مؤكدة أن عدم الاعتراف بالنسب وإجراءات الخبرة الجينية، يؤدي إلى انتهاك هذا الحق، كما يساهم في تمييز الأطفال الذين وُلدوا في حالات غير شرعية، وهو ما يعرض الأطفال لتبعات هذه الإجراءات القانونية المعقدة، بينما يترك الأب البيولوجي دون محاسبة قانونية حقيقية على أفعاله.

وتابعت أن النظام القانوني الحالي يعزز “وضعاً غير عادل”، حيث لا يتحمل الرجل المسؤولية الكاملة عن تصرفاته في حالات مثل الاغتصاب، “بل يُسمح له بالإفلات من العقاب بشكل غير مباشر، فيما تتحمل الأمهات العبء الاجتماعي والقانوني كاملاً”.