الريال والبارصا.. سمن على عسل !
الجدل الذي أثاره نادي ريال مدريد أمس بخصوص التحكيم، وخلَق حالة من الترقب لمعرفة التطورات التي ستؤول إليها الأمور قبل المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا المقررة بملعب لاكارتوخا بمدينة إشبيلية، فُهِم بشكل خاطئ تماما عند معظم المتابعين خصوصا خارج إسبانيا، وصاروا يتحدثون عن واحدة من أوجه “الحرب” الخفية بين البارصا وريال مدريد.
شاهدنا نزالات في وسائل التواصل الإجتماعي بين جمهوري ريال مدريد وبرشلونة في المغرب والمشرق، ووصل الأمر بينهما عندما كانت تتوالى البلاغات والتصريحات، إلى استعمال كافة “الأسلحة” الكلامية لإلجام المعسكر الآخر من قبيل تذكير بعضهما ب “فريق نيغريرا” و”الفريق الفاسد” و”البكاء” و”باعة التذاكر” وباقي قاموس “الشدان” المعروف.. لكن كل هذا في الحقيقة كان مبنيا على استنتاجات جاهزة لم يكن لها وجود على أرض الواقع.
ألم يلاحظ إخواننا “المتشانقون” على الريال والبارصا أن الأخيرة لم تصدر عن مسؤوليها أو لاعبيها أو مدربها أي شيء بخصوص معركة التصريحات الدائرة بين ريال مدريد وأجهزة كرة القدم في إسبانيا ؟ ألم يلاحظ أحد أن الفريق الكطالوني ظل في منأى عن هذا الجدل الصاخب رغم أنه طرف في المباراة النهائية وربما قد يمسه بشكل أو بآخر شيء من نتائج هذا الصراع ؟
ما شاهدناه أمس كان فقط جولة جديدة من حرب قديمة لازالت مستمرة، يخوضها خابيير تيباس رئيس عصبة لاليغا ونائب رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم على ريال مدريد وعلى البارصا أيضا، ويتناوب على قصفهما في كل مرة وحين، وتحت أسباب متعددة، محاولا فرض سيطرته عليهما معا، مدعيا أن من واجبه إقامة بعض التوازن المالي والتقني بين أندية الدوري الإسباني وضمان بقاء دائرة كبيرة من الأندية للتنافس على المراتب الأولى.
ريال مدريد عندما يهاجم عبر قناته التلفزيونية جهاز الحكام التابع للجامعة الإسبانية، فهو لا يفعل ذلك من منطلق أن الجهاز يحابي برشلونة ويفضلها عليه ( بدليل أنه لم يتخذ أي موقف ضد البارصا عند انفجار قضية نيغريرا)، بل “يرد الصرف” فقط لجولات سابقة من الصراع في قضايا مختلفة من أبرزها عائدات حقوق النقل التلفزيوني، وفي نفس الوقت يضغط لكي يضمن على الأقل نزاهة التحكيم في مبارياته، خصوصا في هذه المرحلة الأخيرة من الموسم التي ستلعب فيها الريال مباريات حاسمة حول لقبي الدوري والكأس، سيما وأن التوعدات التي تتسرب من اجتماعات الحكام ب”الوقوف بشكل حازم” ضد فريق أنشيلوتي تثير مخاوف إدارة ريال مدريد من انتقام محتمل وتدفعها إلى مزيد من المواجهة مع الأجهزة الكروية.
كل من يطلع على خبايا الكرة الإسبانية، يعرف أن البارصا وريال مدريد منذ مدة طويلة وهما، بعيدا عن الملاعب، “سمن على عسل”، وهناك اتصالات ومشاورات “سرية” دائمة ينسقان فيما بينهما لمواجهة خصم مشترك الذي هو رابطة لاليغا ورئيسها خابيير تيباس حول حصص كل منهما في العائدات المالية وامتيازات أخرى، وأيضا على مستوى “السوبر الأوروبي” الذي يرى فيه جوان لابورطا منقذا من أزمة البارصا المالية المزمنة، حتى أن مصادر إعلامية إسبانية ذكرت أن فلورينتينو بيريز بعث العقل المالي لريال مدريد، المغربي أنس لغراري مرات عديدة إلى برشلونة من أجل مساعدة البارصا على تجاوز بعض اختلالات ميزانيتها المتعددة.
الخلاصة أن جدل الكرة الإسبانية في واد، وعشاق الناديين في مشارق الأرض ومغاربها في واد آخر.. وآخر ما يمكن أن يصدقوه هو أن البارصا والريال يعيشان حاليا وِدّا ناذرا لا تعكسه أبدا صورة العَدُوين اللذوذين الرائجة حولهما منذ عشرات السنين.