خبراء يؤكدون أهمية الأرشيف في تجويد المناهج التعليمية وتوثيق الذاكرة التربوية

شدد خبراء ومتخصصون في الأرشيف وعلوم التربية على الأهمية المحورية للأرشيف في دعم المناهج التربوية والتعليمية، معتبرين إياه أداة أساسية في حفظ الذاكرة الوطنية وتجويد العملية التعليمية، من خلال توثيق التجارب والإصلاحات والاختيارات التي راكمها النظام التربوي المغربي على مدى عقود.
وجاء ذلك خلال ندوة على هامش الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب الجمعة 25 أبريل 2025 بالرباط، حول موضوع “تدبير الأرشيف ودوره في المناهج التربوية والتعليمية”، بحضور نخبة من الأساتذة الجامعيين والخبراء في مجالات الأرشفة والعلوم التربوية.
وفي هذا السياق، أكد فؤاد شفيقي، أستاذ التعليم العالي في العلوم الطبيعية، على أهمية الأرشيف التربوي الذي تنتجه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، موضحًا أن حجم الوثائق المتراكمة، سواء تلك ذات الطابع الشخصي أو التي تندرج ضمن التوجهات والمناهج العامة، يمثل إرثًا وطنيًا يجب الحفاظ عليه لفائدة الأجيال المقبلة والباحثين في المجال التربوي.
وأشار شفيقي إلى أن الوزارة تتوفر على رصيد وثائقي هام يعود بعضه إلى سنة 1917، مبرزًا أن هذا التراث يتطلب تعاونًا مؤسساتيًا فعّالًا، خاصة بين وزارة التربية الوطنية ومؤسسة أرشيف المغرب، بصفتها المؤسسة المؤتمنة على الأرشيف الوطني،
كما شدد على أن هذا التعاون يجب أن يشمل الوثائق المتوفرة سواء على المستوى المركزي، أو تلك الموجودة في الثانويات والمتاحف التعليمية.
وفي غضون ذلك، أوضح شفيقي أن عملية التنقيب عن هذا الرصيد وتصنيفه ورقمنته تحتاج إلى مجهود يتجاوز إمكانيات الوزارة الحالية، مؤكدًا أن تضافر الجهود مع مؤسسة أرشيف المغرب من شأنه أن يسهم في بناء أرشيف وطني غني ومرجعي.
وأضاف أن الوثائق المتوفرة غالبًا ما تكون منتوجات نهائية، غير أن مسارات إنتاجها تتطلب عملًا بحثيًا وتوثيقيًا معمقًا، لافتا إلى ضرورة الاستعانة بعدد من الفاعلين الذين ساهموا في بلورة الإصلاحات التربوية وما زالوا على قيد الحياة.
واعتبر المتحدث أن دعوة مؤسسة أرشيف المغرب للمساهمة في هذا الورش تمثل في الآن ذاته دعوة للباحثين والأكاديميين من الجامعات، للانكباب على دراسة وتوثيق مختلف مسارات الإصلاح التربوي في المغرب.
ومن جهته، سلّط محمد الملوكي، أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، الضوء على أهمية الأرشيف في صلب اشتغال الجامعة المغربية، مؤكدًا أن المقصود ليس فقط تدبير الوثائق الإدارية، بل التفاعل الشامل مع مسألة الأرشيف بمختلف أنواعه وأبعاده.
وأوضح الملوكي أن التعامل مع الأرشيف يجب أن يتم على مستويات متعددة، تشمل التكوين الأكاديمي، والبحث العلمي، إلى جانب تحفيز المؤسسة الجامعية ذاتها على حفظ أرشيفها وفق المعايير الوطنية والدولية المعتمدة، مع ضمان إتاحته للباحثين والمختصين.
وأشار إلى أن التوسع في مفهوم الوثيقة، خاصة في حقل التاريخ والعلوم الإنسانية، لم يعد يقتصر على الوثيقة التقليدية المرتبطة بالكتاب، بل شمل كذلك الوثيقة الإدارية، التي أظهرت خلال الممارسة البحثية غناها الكبير من حيث المعلومة، “بل وتفوقها في بعض الأحيان على الوثيقة المكتوبة الكلاسيكية أو حتى على الرواية الشفوية، من حيث المصداقية والدقة”.
وانطلاقًا من هذا المعطى، ركز الملوكي على أهمية الوعي بقيمة الأرشيف داخل المؤسسات الجامعية، داعيًا إلى ضرورة الاشتغال عليه على المستويات الفردية، في سياق البحث الأكاديمي، وكذلك على المستوى المؤسساتي، سواء إداريًا أو تقنيًا، مع الانفتاح على شراكات ممكنة مع مؤسسات تشتغل في هذا المجال، وعلى رأسها مؤسسة أرشيف المغرب.