story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

الضوء في آخر النفق

ص ص

عرفت الأسابيع القليلة الماضية لحظات عدة تنبؤ بإعادة الحياة إلى قضية الصحراء المغربية. كلها لحظات تظهر بأن هناك رغبة من طرف الفاعلين الكبار في حلحلة القضية والدفع بإيجاد حل في أقرب وقت ممكن.

ابتدأت هذه الأحداث بلقاء جمع بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في واشنطن، والذي تطرق فيه الطرفان إلى الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد التي تجمع بين الولايات المتحدة والمغرب. هذا اللقاء كان تمهيدا للقاء بوريطة بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، والذي جدد فيه روبيو التزام الولايات المتحدة باعترافها بمغربية الصحراء ودعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب من أجل حل دائم وسلمي للنزاع.

خلال جولته بأمريكا، قام بوريطة بلقاء عدد من شخصيات السياسة الأمريكيين، من بينهم أعضاء من الكونغرس الأمريكي. من المهم الإشارة هنا إلى وصف جو ويلسون، وهو أحد هؤلاء النواب الأمريكي مرتزقة البوليساريو بالإرهابيين، وهو وصف يليق بمن يستهدف المدنيين بشكل مباشر وصريح كالذي وقع في مدينة السمارة. كما نشر أحد أعضاء الكونغرس تغريدة على منصة إكس يقول فيها بأنه يعتزم طلب إدراج البوليساريو في قائمة الإرهاب الأمريكية.

بعد هذا التحركات في قضية الصحراء، خرجت فرنسا بدورها لتأكد اعترافها بمغربية الصحراء ودعمها لمقترح المغرب للحكم الذاتي لمنطقة للأقاليم الجنوبية. يأتي هذا التأكيد في خضم تصعيد من طرف الجزائر ضد فرنسا من أجل الضغط عليها لسحب اعترافها بمغربية الصحراء. التحول في الموقف الفرنسي يعتبر مهما للغاية، ولذلك لكون فرنسا أحد المستعمرين الاثنين الذين كانا في المغرب خلال فترة تقسيمه.

في سياق آخر، وبالضبط في المجال الإعلامي، كانت الأسابيع الماضية شاهدة على محطات مهمة يجب على المغرب استغلالها في ترافعه من أجل الانتصار لقضيته العادلة. الحدث الأول هو المقال الذي نشرته صحيفة الواشنطن بوسط، والذي يؤكد التصريح الذي كان قد أصدره بوريطة بكون إيران قد قامت بتدريب مقاتلي جبهة البوليساريو عن طريق مقاتلي حزب الله اللبناني. أما الحدث الثاني فهو الخبر الذي نشرته البي بي سي البريطانية حول تواجد ما يقارب 150 مقاتلا من جبهة البوليساريو في السجون السورية.

هذان المقالان صدرا عن منصتين إعلاميتين تحظيان بثقة كبيرة عبر العالم، وبالتالي يمكن للمغرب اعتمادها في مرافعاته. كون التصريحات جاءت من خارج المغرب، ومن منصات ذات صيت عالمي، يجعل من المستحيل على أي كان أن يتهم المغرب بأنه يقدم معطيات تخدم مصالحه وبالتالي يجب التشكيك فيها.

بعد هذه الأحداث، جاءت إحاطة المبعوث الأممي للصحراء ستيفان دي ميستورا، والذي يمكن قراءته بعدسات مختلفة. ما يمكن أن يفيد المغرب، هو تأكيده لهذه المستجدات التي تطرقنا إليه أعلاه، خصوصا أن الولايات المتحدة وفرنسا تعتبران عضوين مهمين في مجلس الأمن وأروقة الأمم المتحدة.

كما يجب الإشارة إلى اللغم الذي يعتقد دي ميستورا أنه يضعه في طريق المغرب، وهو حثه للمغرب بشرح أكثر تفصيلا لمقترح الحكم الذاتي. على المغرب أن يستبق الأحداث ويشتغل على إنتاج تصور موسع ومفصل لمقترح الحكم الذاتي بالأخذ بعين الاعتبار مخرجات لجنة الجهوية الموسعة من أجل الحفاظ على ميزة المبادرة التي تحلى بها طيلة عمر النزاع في الصحراء.

إذا استمر المغرب في هذا المسار الديبلوماسي المؤسسي وتوظيف كل أوراق الضغط التي بجعبته من أجل بناء موقع جديد في الرقعة الجيوسياسية التي بطور التشكيل، فإننا لا محالة أمام بوادر الضوء آخر النفق الذي وجد المغرب نفسه فيه فيما يخص وحدته الترابية.