story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أحزاب |

الأشعري: اللغة العربية اكتسبت غموضا سلطويا ولابدّ من تحديثها

ص ص

انتقد وزير الثقافة السابق، محمد الأشعري، ما وصفه بـ”الغموض السلطوي” الذي يحيط باللغة العربية في المغرب، مذكّرا بالمطالب المتكررة منذ بداية الاستقلال، لإصلاح النحو والإملاء ورسم الكلمات، بما يسمح بتعلم أسرع وأكثر فاعلية.

وتأسف الأشعري خلال مشاركته في إحدى جلسات الجامعة الربيعية لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، المنظمة في الجديدة من 18 إلي 20 أبريل 2025، لكون هذه المطالب لم تُواكب بإرادة حقيقية للإصلاح، مما جعل من اللغة العربية نظاما مُعقدا ينفر التلاميذ بدل أن يجذبهم.

وفي مقارنة لافتة، أشار الأشعري إلى التجربة اليابانية، حيث تمكنت اليابان من تحديث لغتها وتطويرها بشكل ممنهج، حتى صارت لغة حديثة يتداولها الشعب وتُكتب بها الآداب المعاصرة، وقد تُوّج هذا المجهود بثلاث جوائز نوبل في الأدب جلها لأعمال كتبت بلغة يابانية حديثة، مما يؤكد أهمية تطوير اللغة لا مجرد تمجيدها.

وزير الثقافة الأسبق، محمد الأشعري، عاد في مداخلته إلى إحدى القضايا المحورية التي قال إنها ظلت حبيسة التجاهل أو التوظيف الإيديولوجي في المغرب، ويتعلق الأمر بقضية اللغة، التي اعتبر أنها لم تأخذ في تجربة اليسار المغربي، ولأسباب تاريخية، الحيز الكافي من التفكير.

وقال الأشعري إن هذا الإهمال لم يكن نتيجة غفلة، بل بفعل قناعة سادت في فترات سابقة، مفادها أن “الأهم ليس اللغة بل المضامين التي نتداولها من خلالها. لكنه شدّد في المقابل على أن التجربة المغربية أبانت عن نتائج وخيمة لهذا التوجه، ليس فقط على مستوى التعليم والتواصل، بل أيضا في ما يتعلق بالثقافة وبناء الهوية الوطنية، وتشييد الدولة الوطنية الحديثة.

وأرجع الأشعري جذور هذا الوضع إلى المسار التاريخي للحركة الوطنية، حيث تم إدماج قضية اللغة مع الدين، ضمن محاولة صياغة إطار مقاوم للاستعمار الفرنسي. وهو ما أدى إلى “نَسْج اللغة العربية والدين الإسلامي في كتلة واحدة”، ما منح اللغة العربية هالة قدسية مرتبطة بالدين، في خلطة ما زلنا نعيش تبعاتها حتى اليوم.

وبالرغم من مساهمة الحركة الوطنية في لفت الانتباه إلى ضرورة النهوض باللغة العربية، من خلال إنشاء المدارس الحرة والمجلات، إلا أن الأشعري يرى أن هذه الدينامية رافقها ميلٌ مشرقي واضح، أدى إلى إغفال التعدد اللغوي بالمغرب، سواء على مستوى الأمازيغية أو الدارجة المغربية، التي اعتُبرت – في مقابل لغة القرآن – مجرد لغة “سُفلى”.

وفي تشريحه لمسار قضية اللغة ما بعد الاستقلال، قال الأشعري إن هذه القضايا تم اختزالها ضمن حركات مطلبية متقابلة: دفاع عن العربية في مواجهة الفرنسية، ومطالب بإعادة الاعتبار للأمازيغية، ودعوات متفرقة للارتقاء بالدارجة.

واعتبر القيتادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي، أن هذا الطابع المطلبـي “جعلنا نشتغل على اللغة بوصفها شعارا سياسيا لا بوصفها بنية معرفية وثقافية”.

ولم يتوقف الأشعري عند هذا الحد، بل أشار بوضوح إلى أن كل القرارات الجوهرية التي همّت اللغة، من تعريب وتراجع عن التعريب، كانت قرارات سياسية بلا سند علمي، ولم تُبن على دراسات أو مختبرات لغوية.

وفي ختام مداخلته، دعا الأشعري إلى القطع مع التوظيف الإيديولوجي والسياسي لقضية اللغة، مؤكدا أن الحل يكمن في العودة إلى عقلانية حقيقية، تقوم على إدراك أن قيمة اللغة تُستمد من تداولها الثقافي ومن إنتاجها المعرفي والأدبي.

وأكد وزير الثقافة السابق أن إعادة الاعتبار للأمازيغية لا يتم فقط بإدماجها في الدستور، بل بنشر الأعمال والإبداعات بها، وترسيخها كلغة يشعر الناس أنها تشبههم وتمثلهم.