المرزوقي: مأساة غزة نتيجة لانتصار الثورات المضادة على الربيع العربي

اعتبر الرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، أن ما يحدث في غزة اليوم من مآسي يُعد من “آخر تبعات تصفية الربيع العربي”، معربا عن قلقه من “هشاشة” الدولة العربية الحالية، التي وصفها بـ”الضعيفة، الفاقدة للمصداقية والمهابة”.
وأوضح المرزوقي في كلمة ألقاها، عن بعد، خلال الجلسة الافتتاحية للجامعة الربيعية التي نظمتها فيدرالية اليسار الديمقراطي بمدينة الجديدة، الجمعة 18 أبريل 2025، أن “الدولة التي ورثناها عن الاستعمار ليست فقط استبدادية، بل فاسدة وفاشلة”، محمّلًا هذا النموذج السياسي “مسؤولية عجز المنطقة عن التضامن الفعلي مع الشعب الفلسطيني في محنته الحالية”.
وفي تشخيصه لأزمة المجتمع العربي، أشار المرزوقي إلى أن “الانقسام الحاد بين العلمانيين والإسلاميين أضعف الدينامية المجتمعية وأفشل فرصًا كثيرة للتقدم”، موضحًا أن “جزءًا من المجتمع يرفض الآخر ويعتبره متطرفًا أو متخلفًا، ما أدى إلى شرخ عميق داخل النسيج المجتمعي والسياسي”، وساهم في “تخريب الثورة في تونس، على الأقل”.
وأكد الرئيس التونسي الأسبق أن أي تقدم نحو الديمقراطية لن يكون ممكنًا دون تجاوز هذا الصراع الهوياتي والسياسي، داعيًا إلى “الاعتراف بطبيعة المجتمع المركبة، حيث يتعايش فيه المحافظ مع التقدمي”.
وشدد على أن رفض هذه الثنائية هو “وصفة لحرب أهلية تهدد بتقويض أي تجربة ديمقراطية ناشئة”، معتبرًا أن “كل تجربة ديمقراطية في منطقتنا سيفشلها طرف من الأطراف إذا استمر هذا النهج الإقصائي”.
وفي ظل التحديات العالمية الكبرى، مثل التغيرات المناخية، والذكاء الاصطناعي، وتحول الخريطة السياسية الدولية، عبّر المرزوقي عن قلقه من “هشاشة” الدولة العربية الحالية، التي وصفها بـ”الضعيفة، الفاقدة للمصداقية والمهابة”، في مقابل مجتمع يعيش على وقع توترات داخلية مزمنة، وطبقة سياسية “ما زالت تختزل نماذج قديمة في مواجهة مشاكل جديدة وغير مسبوقة”.
وأكد المرزوقي ضرورة استعادة أهداف الربيع العربي، والتي لخصها في بناء دولة قانون ومؤسسات، وتحقيق المواطنة الكاملة، والتحرر من عقلية “الرعية التي كرسها الاستبداد”، داعيا إلى ضرورة إحياء حلم الاتحاد المغاربي، الذي يظل رهينًا، حسب تعبيره، بـ”سقوط الأنظمة الاستبدادية، تمامًا كما حصل في أوروبا”.
وخلص منصف المرزوقي، في ختام كلمته التى كانت حول موضوع الثورات والثورات المضادة في ربيع 2011، إلى أن المشروع الديمقراطي المنشود في العالم العربي ينبغي أن يكون اجتماعيًا، سياديًا، اتحاديًا، ووطنياً، “وهو مشروع لن يتحقق إلا من خلال وعي جماعي بضرورة القطع مع الاستبداد والانقسام، وبناء وحدة مغاربية حقيقية قائمة على الديمقراطية والكرامة”.