story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

“الريف يحتضر”.. حملة رقمية تفضح تمدد شبكات الاتجار بالكوكايين

ص ص

يشهد إقليما الدريوش والناظور في الآونة الأخيرة تصاعدًا مقلقًا في وتيرة التعاطي للمخدرات، خاصة الصلبة منها مثل الكوكايين، ما دفع برواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق حملة رقمية واسعة تحت وسم #أوقفوا_نزيف_الإدمان و#الريف_يحتضر، معتبرين إياها صرخة مجتمعية لوقف تمدد هذه الظاهرة.

وقد تحوّلت هذه المناطق إلى فضاء مفتوح أمام شبكات الاتجار غير المشروع بالمخدرات، في ظل “صمت وتراخٍ واضح من الجهات المعنية”، ما دفع عددًا من النشطاء والهيئات الحقوقية إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من انعكاسات الوضع على الشباب والمراهقين وتأثيره على مستقبل الأجيال القادمة.

وتشير معطيات ميدانية رصدتها فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالإقليمين، إلى أن تفشي الظاهرة بات يمس كل الأوساط، خصوصًا في الأحياء الشعبية، مع تزايد حالات الإدمان، وظهور أمراض معدية.

وفي هذا السياق، أجمعت تصريحات مسؤولي الجمعية بالناظور والدريوش على تحميل السلطات الأمنية والصحية مسؤولية تفاقم الوضع بالمنطقة، مطالبين بتدخلات عاجلة، وتحقيقات نزيهة، وبرامج وقائية فاعلة، للحد من هذا “النزيف الصامت” الذي ينهش جسد الريف.

وحذّر طارق لمودني، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم الدريوش، من الانتشار “الممنهج والمقلق” للمخدرات والإدمان بالإقليم، معتبرًا أن هذا الوضع الخطير يدفع إلى التساؤل عن الجهات المستفيدة من إغراق المنطقة بهذه “السموم، في ظل غياب تدخلات مؤسساتية فعّالة من طرف السلطات المعنية”.

وقال لمودني في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إن هذا الواقع يُعد انتهاكًا صارخًا لمجموعة من المقتضيات الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان، والتي تلتزم الدولة بضمانها، وعلى رأسها الحق في الحياة، والتمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، وحماية الأطفال من التعاطي للمواد الضارة.

وأكد المتحدث أن ما يشهده الإقليم يعكس فشل السياسات العمومية المرتبطة بالصحة والتعليم والشغل والحماية الاجتماعية، داعيًا إلى فتح تحقيق نزيه لتحديد الجهات المسؤولة عن ترويج المخدرات في المنطقة، وترتيب المسؤوليات القانونية في حق كل المتورطين، مهما كانت مواقعهم.

وفي ذات السياق، كان فرع الجمعية قد شدد في بلاغ له، على ضرورة إطلاق برامج وقائية استعجالية تستهدف الأطفال والشباب داخل المؤسسات التعليمية والأحياء الشعبية، من خلال حملات توعوية وتحسيسية بمخاطر الإدمان، إضافة إلى إحداث مركز متخصص في علاج الإدمان بالإقليم، لاحتواء الظاهرة المتفاقمة.

وأوضح البلاغ أن هذه الوضعية الخطيرة تكشف عن فشل السياسات العمومية المرتبطة بالصحة والتعليم، والشغل والحماية الاجتماعية، معتبرا أن غياب البدائل الاقتصادية، وتفشي البطالة بشكل مخيف، وتراجع أدوار مؤسسات التربية والتكوين، كلها عوامل تفاقم من حالة التيه وفقدان الأمل لدى فئات واسعة من الشباب، ما يجعلهم فريسة سهلة لتجار السموم.

وفي غضون ذلك، أكد لمودني أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم الدريوش ستواصل تتبع هذا الملف عن كثب، كما ستتبنى كل الآليات الترافعية والقانونية الممكنة من أجل وقف ما أسماه بـ”النزيف الصامت الذي يهدد مستقبل شباب المنطقة”.

من جانبه، عبّر سعيد حداد، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، عن قلقه البالغ إزاء ما وصفه بـ”الانتشار غير المسبوق” لمخدر الكوكايين بعدد من أحياء الإقليم، محذرًا من تداعيات هذا الوضع الخطير على الصحة العامة والأمن المجتمعي.

وأوضح حداد “أن تجارة هذا المخدر أصبحت تتم بشكل علني وأمام أنظار الجميع، دون أن يقابلها تدخل واضح وحازم من طرف السلطات المعنية”، ما ساهم في تفشي الظاهرة واتساع رقعة المتضررين، خاصة في أوساط الشباب.

ولفت إلى أن عددًا من الأسر بدأت تفقد أبناءها بسبب الوقوع في شباك الإدمان، وهو ما ترتب عنه أيضًا ارتفاع في عدد حالات الإصابة بأمراض خطيرة، أبرزها داء السل، الذي ينتقل عن طريق التنفس، في ظل استخدام أدوات تعاطي مشتركة بين المدمنين.

وأشار رئيس الفرع إلى أن من بين الأمراض الأخرى المرتبطة بالإدمان، هناك داء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) والتهاب الكبد الفيروسي من نوع “س”، خاصة في ظل لجوء بعض المدمنين إلى تعاطي الكوكايين عن طريق الحقن، مما يزيد من خطر انتقال هذه الأمراض، خصوصًا عند مشاركة أدوات الحقن.

وفي هذا السياق، أكد حداد أن فرع الجمعية بالناظور ما فتئ يطالب بتوضيحات من السلطات المحلية والإقليمية بشأن ما اعتبره “صمتًا مريبًا” تجاه هذا الوضع المتفاقم، داعيًا إلى تدخل أمني عاجل من طرف القيادة الجهوية للدرك الملكي، والشرطة، وعامل الإقليم، من أجل تفكيك هذه الشبكات الإجرامية ووضع حد لتحركاتها داخل الأحياء.

وطالبت الهيئة الحقوقية السلطات الصحية الوطنية بضرورة إنجاز دراسات علمية ومخبرية معمقة حول مخدر “البوفا”، الذي يعد من أخطر مشتقات الكوكايين، ويُباع بأسعار زهيدة لا تتعدى 50 درهمًا، مما يجعله متداولًا بسهولة في أوساط واسعة من الشباب، ويضاعف المخاطر الصحية والنفسية.

وشدد حداد على أهمية تنظيم حملات تحسيسية شاملة، تستهدف المواطنين والمواطنات بمختلف الفئات، قصد توعيتهم بالمخاطر الجسيمة التي تنجم عن تعاطي هذه المواد السامة، وحماية الأجيال الصاعدة من الوقوع في براثن الإدمان، داعيًا الدولة إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في هذا الملف الحارق.