أحمد مناصرة يعانق الحرية بعدما سرقت السجون الإسرائيلية طفولته

أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الأسير الفلسطيني أحمد مناصرة، بعد أن أمضى أكثر من تسع سنوات في السجون، إثر اتهامه بمحاولة تنفيذ عملية طعن في مستوطنة “بسغات زئيف” شمال القدس المحتلة.
دخل أحمد مناصرة السجن طفلاً بعمر 13 عاماً، لكنه لم يغادره كذلك، إذ خرج وقد ترك طفولته خلفه، محمّلاً بتجربة تفوق قدرة الكبار على احتمالها، فكيف للأطفال أن يتحملوها؟
ولد أحمد مناصرة (23 عاماً) في حي بيت حنينا بالقدس المحتلة، يوم 22 يناير 2002.
في 12 أكتوبر 2015، وبينما كان أحمد يتجول برفقة ابن عمه حسن مناصرة (15 عاماً)، فوجئا بإطلاق نار من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتعرضا للدعس والضرب، ثم لاعتداء من قبل المستوطنين، قبل أن يُعتقل أحمد ويُنقل إلى المستشفى مكبّل اليدين، بزعم أنه كان ينوي تنفيذ عملية طعن، فيما استُشهد رفيقه حسن.
اشتهرت قضية أحمد بمقطع فيديو سرّبته سلطات الاحتلال من جلسة التحقيق الأمنية، ظهر فيه باكياً يتعرض للضغط النفسي والتهديد، ويردد جملتي: “مش متأكد”، و”مش متذكر”، رداً على أسئلة محقق كان يصرخ بوجهه محاولاً انتزاع اعترافات تحت التعذيب لتدعيم رواية الاحتلال.
وفي هذا السياق، أشار خالد قزمار، المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إلى أن المحققين الإسرائيليين استخدموا أساليب تعذيب نفسي ضد الطفل مناصرة، شملت الصراخ وحرمانه من حقه في استشارة محامٍ أو وجود أحد أفراد أسرته، مضيفًا أن “الهدف من تسريب الفيديو هو التخويف وشن حرب نفسية ضد الأمهات والأطفال”.
وأضاف قزمار: “ورغم كل ذلك، نجح مناصرة في هزيمة المحققين، ولم يدلِ بأي اعتراف، والدليل أنه كان يردد: لا أتذكر، لا أعرف”.
في 7 نوفمبر 2016، أصدرت المحكمة المركزية حكماً بسجن مناصرة 12 عامًا، خُفّض لاحقاً إلى تسع سنوات. وخلال فترة اعتقاله، عانى مناصرة من العزل الانفرادي والإهمال الطبي، خصوصاً منذ أكتوبر 2021، ما فاقم تدهور صحته الجسدية النفسية.
ومنذ أكتوبر 2021، وُضع مناصرة في العزل الانفرادي وتعرض للإهمال الطبي، مما أدى إلى تدهور حالته الجسدية والنفسية. ووصف محاميه خالد زبارقة حالته بعد زيارته في عزله الانفرادي عام 2023 قائلاً: “رأيته إنساناً بلا روح… حاولت التخفيف عنه، فقلت له إن المدة المتبقية قليلة، وإننا نعمل من أجل إطلاق سراحه”.
فرد عليه مناصرة: “أنا لا أنتظر سوى الموت… لا أنتظر شيئًا من هذه الحياة”، ثم سأله قبل مغادرته: “هل أنت متأكد أن الانتحار حرام؟”
وفي يوم الإفراج عنه، الخميس 10 أبريل 2025، أُطلق سراح أحمد مناصرة في مدينة بئر السبع، التي تبعد عشرات الكيلومترات عن القدس، مسقط رأسه، دون أي تنسيق مسبق مع عائلته.
وبينما كان يسير في الشارع، التقى بشاب تواصل مع عائلته وساعدهم في الوصول إليه، حيث لم يكن أحمد يحمل معه سوى بطاقته الشخصية.
وقبل السماح له بالتوجه إلى منزل عائلته، استدعته سلطات الاحتلال للتحقيق في مركز “المسكوبية”، وهو ما اعتبرته العائلة استمرارًا في تهديده، إلى جانب تحذيرات أخرى من إقامة حفل استقبال أو التواصل مع وسائل الإعلام.