story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

البارصا والريال والجودة الألمانية

ص ص

البارصا وكما كان منتظرا، أجهزت ليلة أمس بملعب مونجويك ببرشلونة، على نادي دورتموند الألماني برباعية نظيفة، مع عرضٍ كروي هجومي كاسح قدمه “أطفال” أكاديمية لاماسيا الموهوبين، سيرا على ما يقدمونه من مستويات مذهلة منذ انطلاق الموسم في جميع المسابقات.

النتيجة الثقيلة التي فازت بها البارصا، ووضعت بها رجلها الأولى في دور نصف النهائي لكأس رابطة الأبطال الأوربية بنسبة كبيرة، بعد سنوات طويلة من الغياب عن هذا الدور في أبرز مسابقة عالمية خاصة بالأندية، والمعاناة مع المشاكل التنظيمية والمالية والتقنية للنادي، والتي كانت قد حولته إلى فريق متواضع يهزمه الجميع بسهولة حتى في “ليالي الخميس” الخاصة بكأس الويفا ليغ.. مسار هذا الموسم والأداء الكبير في جل المباريات ضد عمالقة أوروبا يمكن أن ترشح النادي الكطلاني للفوز باللقب أو على الأقل الوصول إلى المباراة النهائية.

التحسن المفاجئ لمستوى البارصا هذا الموسم، والتراجع الغريب لمستوى ريال مدريد حامل لقب الموسم الماضي، حالتان متناقضتان فيما يتعلق بقطبي الكرة الإسبانية، يمكن أن نسجل بخصوصهما ملاحظة تبدو مهمة جدا في تقييم المستويات الكروية في أوروبا بصفة عامة، وهو تأثير المدرسة الألمانية بكل حمولتها التاريخية وقيمتها التقنية الكبيرة في نتائج الناديين.. كيف ذلك؟

برشلونة استقدم الألماني هانزي فليك مع بداية الموسم ليتولى مهمة تدريب الفريق الأول خلفا لتشافي هيرنانديز. ورغم أن الكثير من الكطلان تخوفوا من فشل مدرب “عاطل” بعد طرده من منتخب المانشافت، وأيضا من عدم إتقانه للغة الإسبانية وتكوينه المخالف لهوية البارصا التاريخية.. إلا أنه أثبت بقليل من الصرامة والواقعية والذكاء في “الكوتشينغ” وحسن تدبير الرصيد البشري لديه، واختيار منظومة لعب فعالة تستخرج كل ما لدى اللاعبين اليافعين من قدرات ومواهب.. أن يصنع تشكيلة منضبطة تتمتع بروح الإنتصار وقادرة على الإطاحة بأقوى الدفاعات في إسبانيا وأوروبا.

على النقيض من ذلك، فريال مدريد بدأ الموسم الحالي على وقع اعتزال “المستشار” الألماني توني كروس ودماغ فريق كارلو أنشيلوتي، ولم تعمل إدارة النادي على استقدام خلف له ليواصل نفس المهمة الحساسة التي كان يقوم بها توني باقتدار طيلة سنوات عديدة، وساهم بكاريزميته بنسبة كبيرة في فوز الميرينغي بالعديد من الألقاب والكؤوس.. ولقد حاول العجوز الإيطالي تعويض رحيل كروس باعتماد منظومة لعب بديلة في وسط الميدان، لكنه فشل فشلا ذريعا في ذلك، والنتيجة أننا شاهدنا ريال مدريد في جل مبارياته هذا الموسم مفككا، تائها، ويفتقد لقائد حقيقي يزاوج بكفاءة بين الدورين الدفاعي والهجومي، مثلما كان يقوم به الألماني توني كروس.

حالتا الريال والبارصا، تؤكد أن المدرسة الألمانية العتيقة في كرة القدم لم تمت كما ذهب إلى ذلك الكثيرون بعد الإقصاءات المتوالية لمنتخب المانشافت من الأدوار الأولى لكأس العالم، وغيابه عن منصة التتويج في كأس أمم أوروبا أيضا.. فمنظومة كروية احترافية مثل التي صنعت ألمانيا منذ القدم وجعلتها أمة يقام لها ويقعد، لاشك أنها لازالت تحتفظ بالكثير من جودتها، ومن قدرتها على إنجاب لاعبين ومدربين مؤثرين في الأندية التي ينضمون إليها، والجميع من متتبعي كرة القدم يعرفون تلك الحقيقة التي مفادها أنه من الناذر أن “يحصل” أي ناد من الأندية في صفقة لاعب أو مدرب ألماني.. فهم مثل صناعتهم، فيها نسبة عالية من الجودة و”الصح”، ولها “ضمان استعمال” ناجح لمدد طويلة.