دراسة تكشف تأثير وقف المساعدات الأمريكية على التعاون التنموي والاقتصادي بين الرباط وواشنطن

في ظل القرار الأمريكي القاضي بوقف المساعدات الخارجية عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، تزداد المخاوف من أن يفقد المغرب إحدى أبرز قنوات التواصل التنموي والاقتصادي مع واشنطن، في وقت كشفت فيه استطلاعات للرأي عن أثر بالغ لتلك المساعدات على نظرة المغاربة تجاه الولايات المتحدة.
ففي دراسة حديثة نشرها “الباروميتر العربي”، أظهرت النتائج أن 68% من المغاربة الذين يرون أن المساعدات الأمريكية تدعم المبادرات التعليمية بالمملكة، يبدون رغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع واشنطن، مقارنة بـ44% فقط ممن اعتبروا أن تأثير تلك المساعدات محدود.
ويعكس هذا الرقم، وفق الخبير مايكل روبينز، مدير الشبكة البحثية، “مدى ارتباط القوة الناعمة الأمريكية بالتنمية الفعلية في عيون المواطنين”.
وأضاف روبينز، في مقال تحليلي نشر يوم 23 مارس 205 بعنوان “قرار الإدارة الأمريكية الجديدة بوقف المساعدات الخارجية يهدد بتدهور سمعة الولايات المتحدة في المنطقة” أنهُ على الرغم من النظرة السلبية المتزايدة تجاه أمريكا في العالم العربي، شكّلت المساعدات استثناءً لافتاً.
وكشف تقرير الباروميتر أن نسبة المغاربة الذين يعتقدون أن الهدف الأساسي من المساعدات الأمريكية هو كسب النفوذ، انخفضت إلى 29% سنة 2024، بعد أن بلغت 33% سنة 2021، في وقت كان فيه أكثر من نصف المستطلعين في بلدان كلبنان والعراق وتونس يرون العكس.
وفي هذا السياق، أشار روبينز إلى أن المغرب “استثناء لافت في المنطقة”، موضحاً أن “المساعدات الأمريكية هناك لا تزال تحظى بثقة نسبية مقارنة بباقي الدول، سواء من حيث فعاليتها أو دوافعها”.
ويأتي قرار ترامب بتجميد عمليات المساعدات الخارجية عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في ظل تراجع حاد لصورة الولايات المتحدة بالمنطقة، خاصة بعد دعمها العسكري غير المشروط لإسرائيل في حربها الهمجية على غزة منذ أكتوبر 2023، وهي الخطوة التي أدت إلى تراجع التأييد الشعبي للولايات المتحدة بأكثر من 30 نقطة في تونس وحدها، وأرقام مماثلة في باقي دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
غير أن الدعم الأمريكي في مجالات مثل التعليم وحقوق المرأة والمجتمع المدني لا يزال يُنظر إليه بإيجابية، حسب استطلاعات الفترة الممتدة بين 2022 و2024، والتي أظهرت ارتفاعاً بأكثر من 10 نقاط في المغرب وحده في تقييم فعالية المساعدات الأمريكية.
ورغم أن الغالبية تفضل تخصيص المساعدات للتنمية الاقتصادية ومشاريع البنية التحتية، فإن الاستطلاعات تشير إلى أن البرامج التعليمية والحقوقية أسهمت في تحسين صورة الولايات المتحدة، حتى عندما لم تتوافق مع أولويات المواطنين. “المساعدات حسّنت صورة واشنطن دون أن تكون مثالية في نظر الجميع”، يخلص روبينز.
ويحذر الخبير الأمريكي من أن “الإيقاف المفاجئ لهذه المساعدات قد يؤدي إلى تقويض آخر أدوات القوة الناعمة الأمريكية في المغرب والمنطقة”، مضيفاً أن “كسب القلوب والعقول” سيكون أكثر صعوبة في ظل الانسحاب التنموي وتزايد المنافسة الجيوسياسية من دول كالصين.