بنموسى.. مهندس “مغرب الغد” الذي أخفق في إدارة تعليمه
تضع خلاصات لجنة النموذج التنموي في شقها المتعلق بالتعليم رئيسها، شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية الحالي، في حرج كبير، في ظل ما تشهده الساحة التعليمية من اضطرابات نتيجة رفض الأساتذة لمضامين النظام الأساسي الجديد.
اليوم وبعد مرور سنتين على تقديم تقرير لجنة النموذج التنموي، لا تكاد شعارات الأساتذة الغاضبين والمحتجين على النظام الأساسي تخلو من المطالبة بإقالة بنموسى الذي تكوَّن في مجال القناطر والطرق وحمل مسؤولية “أم الوزارات” وتنقل بين المهام إلى أن وجد نفسه وزيرا للتعليم في وجه العاصفة.
“الاســتثمار فــي تكويــن وتحفيــز المدرســين قصــد جعلهــم الضامنيــن لنجــاح التعلمــات” هو اقتراح لجنة النموذج التنموي لتسريع دينامية الارتقاء بجودة النظام التربوي والتكويني.
وزير متعدد التخصصات
لم يكن شكيب بنموسى يدري أن تكوينه في هندسة الطرق والقناطر في فرنسا سيؤهله لتقلد مناصب عليا في الدولة المغربية.
فقد نَبَعَ سيلُ المهام المسنودة إلى الوزير بنموسى من وزارة التجهيز، فيها عُيِّن مديرا للتخطيط والدراسات خلال فترة 1987 و1989، ثم مديرا للطرق والسير الطرقي بنفس الوزارة منذ سنة 1989 وحتى سنة 1995.
تولى الوزير ذو الجنسية المغربية والفرنسية، ومبدع النظام الأساسي الجديد، أول المناصب العليا في عهد حكومة عبد اللطيف الفيلالي ما بين 1995 و1998، حين عين كاتبا عاما للوزارة الأولى.
وشغل بنموسى منذ سنة 2013، بالإضافة إلى المهام التي تولاها في الداخل، منصب سفير للمملكة المغربية لدى باريس، إحدى أبرز العواصم الأوروبية، حينما عينه الملك محمد السادس على رأس الديبلوماسية المغربية في فرنسا.
عصا بنموسى
استمر شكيب بنموسى، ابن مدينة فاس، في تقلد المناصب والمسؤوليات حتى بعد تولي الملك محمد السادس زمام الحكم، فقد عين واليا كاتبا عاما للداخلية في حكومة التناوب التي ترأسها المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، ثم وزيرا في قطاع الداخلية منذ 15 فبراير 2006 وحتى يناير 2010، في عهد حكومة إدريس جطو.
عرفت الفترة التي تربع فيها شكيب بنموسى على عرش وزارة الداخلية انفجار احتجاجات في مدينة سيدي إفني جنوب المملكة، وهي الأحداث التي اشتهرت بأحداث “السبت الأسود” لما شهدته من عنف وقوة غير مألوفة في تدخل القوات العمومية لفضها.
ووثقت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي حينها مشاهد الرفس واللكم والضرب في تدخل قوات الأمن العنيف على المواطنين الذين خرجوا للاحتجاج.
وأشار الجميع حينها بأصابع الاتهام إلى وزارة الداخلية التي كان بنموسى وزيرا لها، باعتبارها الآمر والناهي في أسلوب تدخل القوات العمومية في أي وقفة أو مسيرة احتجاجية لاستعادة السكون والهدوء في الشارع المغربي.
من هندسة الطرق إلى هندسة التنمية؟
تَركَّز تكوين شكيب بنموسى على دراسة الهندسة، فقد حصل على دبلوم في الهندسة من مدرسة البوليتكنيك بباريس سنة 1979، ثم دبلوم في الهندسة من المدرسة الوطنية للقناطر والطرقات بباريس سنة 1981.
ومن هندسة الطرق انتقل بنموسى إلى هندسة التنمية في المغرب، حيث ترأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي منذ سنة 2011، سنة تأسيس المجلس.
وأشرف بنموسى خلال ترأسه المجلس على إصدار تقارير حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمغاربة وتقييم السياسات العمومية، كما وضع التصور الأول للنموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية.
تدرج بنموسى في سلم مناصب المسؤولين الذين يسطرون البرامج التنموية للمغرب إلى أن استقبله الملك محمد السادس سنة 2019، وعينه على رأس اللجنة الخاصة المكلفة بإعداد النموذج التنموي، والذي كتب له الخروج إلى الوجود سنة 2021.
منقذ قطاع التعليم!
بعد نزعِ عباءة رئيس لجنة النموذج التنموي، ارتدى الوزير بنموسى سريعا عباءة الوزير الذي سيُصلِح، في رمشة عين، وبعصا سحرية، مشاكل قطاع يغلي منذ عقود.
تجرأ الوزير الذي يتقن هواية تغيير القبعات والأدوار على ملفات وقضايا خلافية لم يجرؤ وزير قبله على فتحها أو حتى الحديث عنها، فكان إنجازه الوحيد منذ تقلد منصبه قبل سنتين هو توحيد صفوف الأساتذة (التنسيقيات) ضد الحكومة بعدما كانت تفرقهم مطالبهم الفئوية.
لم تسعف “خبرة” وزير الداخلية السابق في اعتماد المقاربة الأمنية لحل المشاكل وتسوية الخلافات، فإذا كان العنف قد أطفأ نار احتجاجات سيدي إفني وغيرها، فإنه لا ضمانة لنجاحه في ثني الأساتذة عن رفض النظام الأساسي الجديد والرجوع إلى الفصول الدراسية.
وتستمر حتى الآن إضرابات الأساتذة في أسبوعها الرابع بسبب أزمة النظام الأساسي الجديد الذي أتى به مهندس التنمية بالمغرب، شكيب بنموسى، والذي يبدو أنه لم يحسن هذه المرة قياسَ أبعاد نظامٍ أغرق المنظومة التعليمية في وحل لم يُعرف بعد موعد الخروج منه.