بووانو ينتقد “تقييد” الجمعيات في مكافحة الفساد ويصفه بـ”الاعتداء على الدستور”

انتقد عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، محاولات وزير العدل “منع الجمعيات الناشطة في محاربة الفساد من تقديم شكايات تتعلق بحماية المال العام”، مؤكدا أن “وجود بعض الجمعيات غير النزيهة لا يبرر إقصاء جميع الجمعيات من أداء دورها”.
وشدد بووانو خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، المنعقد مساء الثلاثاء 11 مارس 2025، على أن المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية تمثل “اعتداءً على الدستور”، الذي ينص على دور الجمعيات في إطار الديمقراطية التشاركية، سواء في إعداد السياسات العمومية أو تقييمها.
وتنص إحدى فقرات المادة 3 من المشروع المذكور على أنه: “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسًا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو أي هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”
وفي هذا السياق، أكد بووانو أن المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية مطالبة بتمكين الجمعيات من المشاركة بدلاً من تقييدها.
كما استنكر بووانو إعلان وزير العدل رفضه المطلق لأي تعديل يطال المادة 3 من المشروع، معتبراً أن هذا الموقف يتجاوز صلاحيات المؤسسات الدستورية والبرلمان، وأن التشريع من اختصاص البرلمان، كما أكده الملك في أحد خطاباته التشريعية.
وفي سياق حديثه، ذكَّر بووانو بخطاب ملكي سابق أكد فيه جلالة الملك على حق البرلمان في التشريع، بما في ذلك تقديم مقترحات القوانين التنظيمية، رداً على الجدل الذي أثير سابقاً حول صلاحيات المؤسسة التشريعية.
كما انتقد رئيس المجموعة النيابية بعض مضامين مشروع قانون المسطرة الجنائية، خصوصاً ما يتعلق بالحصانة، مشدداً على أن “حرية الرأي والتعبير محصنة دستورياً، وأن الحديث عن الحصانة يجب أن ينحصر في الجوانب الإجرائية”، مستشهدا بحادثة تعرض برلماني من حزبه لاعتداء سنة 2012، وما أثاره ذلك من نقاش حول ضرورة الحفاظ على حقوق البرلمانيين في ممارسة مهامهم التمثيلية.
وفيما يخص مكافحة الفساد، عبّر بووانو عن استغرابه من تركيز الجهود على الجماعات الترابية دون غيرها من المؤسسات، مؤكداً أن العديد من رؤساء الجماعات، خاصة المنتمين إلى أحزاب الأغلبية، قد يكونون متورطين في الفساد، لكن حصر الجدل حول الجماعات فقط فيه “نوع من الإجحاف بحق المنتخبين”.
وأشار إلى أن مجموع ميزانية الجماعات الترابية، بكل أصنافها، لا يتجاوز 50 مليار درهم، أي ما يعادل 1% فقط من ميزانية الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية، وهو ما يطرح تساؤلات حول “سبب التركيز على الجماعات دون غيرها”.
ودعا بووانو إلى “معالجة الفساد من جذوره”، مشيراً إلى أن “الإطار القانوني المنظم للجماعات يضم حوالي 100 قانون، بعضها يعود إلى سنة 1919، إضافة إلى 700 مرسوم، كما أن القرارات المتخذة داخل الجماعات لا تصدر عن شخص واحد، بل يشارك فيها عدة مسؤولين”.
كما شدد على ضرورة “تفعيل توصيات تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمجالس الجهوية للحسابات، وترك الهيئات المكلفة بمحاربة الفساد تشتغل باستقلالية، مثل مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة”، كما أكد على “أهمية منح النيابة العامة كامل صلاحياتها لتقييم جدية الشكايات المرتبطة بالفساد، عوض تضمين مقتضيات تحدّ من ذلك داخل مشروع قانون المسطرة الجنائية”.