تقرير ينتقد إقصاء أسر من الدعم بسبب التوفر على خط هاتفي أو ممتلكات بسيطة

انتقد تقرير حديث لمركز “الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي” إقصاء بعض الأسر من الاستفادة من التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر بسبب بعض المؤشرات غير المتسقة مع الواقع الاجتماعي، مؤكداً أن استهداف الفئات الأكثر هشاشة يتطلب اعتماد معايير واضحة ومنطقية.
وأشار التقرير إلى أن المعايير التي يعتمدها المؤشر الخاص بالاستفادة من التغطية الصحية والدعم الاجتماعي “قد تقصي بعض الأسر لمجرد التوفر على خط هاتفي أو بعض الممتلكات البسيطة”، مؤكداً أن امتلاك هذه العناصر لا يعكس بالضرورة تحسناً في الوضع المادي أو خروجاً من دائرة الهشاشة.
وتابع المركز في تقريره أن هذا الوضع يؤدي في كثير من الحالات إلى استبعاد فئات محتاجة فعلياً، في حين قد يستفيد آخرون لا يستوفون شروط الهشاشة الحقيقية، مما يضعف فعالية الدعم ويقلل من تأثيره الاجتماعي.
في المقابل، أكد المصدر ذاته أن استهداف الفئات الأكثر هشاشة بدقة يتطلب تطوير قواعد بيانات موثوقة تعتمد على معايير واضحة ومنطقية، مثل مستوى الدخل، الوضع العائلي، والظروف الاجتماعية، مضيفاً أنه ورغم التقدم الملحوظ الذي أُحرز في هذا المجال من خلال إحداث السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، إلا أن هناك “اختلالات تعيق منطق الاستهداف الأمثل”.
ولتحسين عملية الاستهداف، أكد التقرير على ضرورة إعادة النظر في بعض المؤشرات المعتمدة للاستهداف، من خلال تحديثها وجعلها أكثر ملاءمة للواقع المعيشي للأسر المغربية، مشيراً إلى إمكانية تعزيز فعالية الدعم عبر إجراء تقييمات دورية لاحتياجات المستفيدين.
واقترح المركز أيضاً الانتقال من الدعم العام إلى الدعم المشروط، وذلك من خلال ربط المساعدات بتحقيق أهداف محددة مثل التعليم أو الرعاية الصحية للأطفال، مبرزاً أن هذا التحول من الممكن أن يحقق مردوداً اجتماعياً أكبر، يقلص التكاليف غير الضرورية، ويعزز العائد على الاستثمار الاجتماعي.
وضمن التحديات التي تواجه أوراش الحماية الاجتماعية أيضاً، يضيف التقرير، حجم الاقتصاد غير المهيكل الذي تتجاوز قيمته 30% من الناتج الداخلي الخام، ويضم أكثر من 60% من مجموع العاملين في البلاد، مشيراً إلى أن هذا القطاع يشكل عقبة هيكلية أمام تعبئة الموارد المالية اللازمة لضمان استمرارية هذه السياسات الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، أردف المصدر أن أولى هذه الإكراهات تتمثل في صعوبة إدماج العاملين في الاقتصاد غير المهيكل ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، حيث إن معظم هؤلاء العاملين، الذين يشملون الحرفيين، الباعة المتجولين، والعمال الموسميين، يفتقرون إلى عقود عمل رسمية أو دخل ثابت، “مما يجعل فرض الاشتراكات الاجتماعية عليهم أمراً شبه مستحيل”.
وتابع أن حجم الاقتصاد غير المهيكل الكبير يؤدي إلى تقليص المداخيل الضريبية التي تشكل مصدراً أساسياً لتمويل ميزانية الدولة، مبرزاً أنه مع تجاوز هذا القطاع لثلث الناتج الداخلي الخام، فإن عدم خضوعه للضرائب يفقد الدولة موارد مالية ضخمة كان يمكن توجيهها لدعم أوراش الحماية الاجتماعية، وهو ما يضاعف من اعتماد الدولة على التمويل العمومي المباشر، الأمر الذي يفاقم العجز المالي.
ولمواجهة هذا التحدي، دعا التقرير إلى اعتماد سياسات تحفيزية تشجع العاملين في هذا القطاع على التسجيل، كتقديم اشتراكات مخفضة أو مدعمة، مع تسهيل الإجراءات الإدارية عبر منصات رقمية، كما يمكن تطوير برامج تأهيل وتكوين مهني كخطوة أساسية لتسهيل انتقال هؤلاء العاملين إلى القطاع المهيكل تدريجياً.
كما طالب الحكومة بالعمل على تهيئة بيئة قانونية واقتصادية داعمة، كتخفيف الضرائب على الأنشطة الصغيرة الناشئة، لتشجيع الهيكلة وتقليص حجم هذا القطاع، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيمكن من تعزيز استدامة التمويل وتحقيق تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات.