story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

أصيلة تودّع محمد بن عيسى في جنازة مهيبة بحضور شخصيات سياسية وثقافية بارزة

ص ص

وسط حشود كبيرة من أبناء أصيلة وشخصيات حكومية ودبلوماسية بارزة، ودّعت مدينة أصيلة، اليوم الأحد، وزير الخارجية الأسبق محمد بن عيسى، الذي وُري الثرى في الزاوية العيساوية بالمدينة العتيقة بعد صلاة الجنازة بالمسجد الأعظم.

وشهدت الجنازة حضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية، إلى جانب أبناء المدينة الذين جاؤوا لوداع رجل لطالما خدم مدينتهم وأعطاها بعدًا عالميًا من خلال إشعاعها الثقافي والفني.

حضور رفيع المستوى

لم يكن الحضور الرسمي في جنازة محمد بن عيسى عاديًا، فقد شهدت المراسم مشاركة شخصيات وازنة من مختلف المجالات السياسية والثقافية والدبلوماسية، ما يعكس المكانة التي كان يحظى بها الراحل داخل المغرب وخارجه.

تقدّم المشيعين كل من الوزير الأول الأسبق إدريس جطو، والأمين العام للحكومة محمد الحجوي، ووزير الخارجية ناصر بوريطة، ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، ووزير التجهيز والماء نزار بركة، إلى جانب عدد من المسؤولين الحكوميين وممثلي الأحزاب السياسية، في تأكيد على الإرث الذي تركه بن عيسى في المجالين الدبلوماسي والثقافي.

كما حضر شخصيات من عالم الأدب والفن والثقافة، كان من أبرزهم مثقفون وفنانون مغاربة وأجانب اعتادوا على حضور منتدى أصيلة الثقافي الذي كان الراحل أحد أعمدته الرئيسيين، وجعل منه حدثًا عالميًا يجمع نخبة من المفكرين والفنانين من مختلف القارات.

برقية تعزية ملكية

بعث الملك محمد السادس برقية تعزية إلى أسرة الراحل، أعرب فيها عن خالص المواساة لهذا المصاب الجلل، مشيدًا بما قدمه بن عيسى خلال مسيرته المهنية، حيث قال: “وإن كان رحمه الله قد رحل إلى مثواه الأخير، فسيظل أثره حيًا كرجل دولة مقتدر ودبلوماسي محنك، أبان عن كفاءة عالية في مختلف المناصب السامية التي تقلدها، سواء كوزير للثقافة أو وزير للخارجية والتعاون، أو كسفير المغرب بواشنطن، أو كمنتخب برلماني وجماعي”.

كما أثنى العاهل المغربي على الدور البارز للراحل في الارتقاء بالمشهد الثقافي والفني لمدينة أصيلة، حيث قال: “سخّر حياته لخدمة وطنه ومدينته، وجعل من موسم أصيلة الثقافي حدثًا عالميًا بارزًا”.

مسيرة الدبلوماسية والثقافة حافلة

يُعد محمد بن عيسى من الشخصيات المغربية البارزة التي جمعت بين السياسة والدبلوماسية والثقافة، حيث بدأ مسيرته المهنية في مجال الثقافة والإعلام، قبل أن يتقلد عدة مناصب سامية داخل وخارج المغرب، كان أبرزها:

  • وزيرًا للثقافة (1985-1992)
  • سفيرًا للمغرب في الولايات المتحدة (1993-1999)
  • وزيرًا للشؤون الخارجية والتعاون (1999-2007)
  •  رئيسًا لجماعة أصيلة لعقود طويلة

كما كان الوجه البارز وراء تأسيس موسم أصيلة الثقافي الدولي، الذي تحول إلى حدث سنوي يجمع نخبة من المفكرين والأدباء والفنانين من مختلف أنحاء العالم، وأصبح عنوانًا للإشعاع الثقافي المغربي على المستوى العربي والدولي.

شهادات من شخصيات بارزة

ومن جهته اعتبر حاتم البطيوي، عضو مؤسسة منتدى أصيلة، أن المدينة فقدت اليوم أحد أعمدتها الثقافية والسياسية، قائلًا: “محمد بن عيسى لم يكن فقط رجل سياسة، بل كان رجل فكر وعمل، حمل أصيلة من المحلية إلى العالمية”.

ووصف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الراحل بأنه “كان مثقفًا وسياسيًا ودبلوماسيًا محنكًا، ترك بصمة لا تُمحى في العلاقات الدولية والثقافية”، مشيرًا إلى أنه “كان أحد الشخصيات التي أثّرت في مسار السياسة الخارجية المغربية، وعززت علاقات المملكة مع عدد من الدول الكبرى”.

وأكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن بن عيسى “قدم الكثير لوطنه، وكان شخصية جامعة بين الدبلوماسية والثقافة والتنمية المحلية”، مشيرًا إلى أن “ما حققته مدينة أصيلة اليوم من إشعاع دولي يعود في جزء كبير منه إلى رؤية الراحل، الذي كرس حياته لتطويرها ثقافيًا وتنمويًا”.

كما قال محمد أوجار، وزير العدل الأسبق، إن الفقيد كان “رجل التوافقات والفتوحات الفكرية والثقافية، واستطاع أن يمنح أصيلة مكانة دولية، وجعل منها نموذجًا لمدينة ثقافية متكاملة”.

إرث ثقافي خالد

لم يكن محمد بن عيسى مجرد دبلوماسي أو سياسي، بل كان صاحب رؤية ثقافية متكاملة، حيث عمل على تحويل مدينة أصيلة إلى مركز عالمي للحوار الثقافي والفني، وحرص على أن يكون منتدى أصيلة الثقافي الدولي نافذةً للحوار بين المثقفين والمبدعين من مختلف الثقافات.

وأكد أعضاء مؤسسة منتدى أصيلة أنهم سيواصلون تنظيم الموسم الثقافي السنوي، تكريمًا لرؤية الراحل الذي كان حتى أيامه الأخيرة يتابع التحضيرات لدورة 2025، ما يعكس التزامه العميق بنشر الفكر والثقافة حتى آخر لحظات حياته.

مدينة أصيلة تودّع ابنها البار

لم تكن جنازة محمد بن عيسى مجرد حدث رسمي، بل كانت لحظة وفاء وتقدير لرجل كرس حياته لخدمة مدينته ووطنه. وشهدت أزقة المدينة العتيقة حضور الآلاف من المواطنين الذين جاؤوا لتوديعه، حيث حمل المشيعون نعشه في مسيرة مهيبة، وسط دموع وحزن أبناء أصيلة، الذين فقدوا رمزًا من رموزهم التاريخية.

ووسط هذه اللحظة المليئة بالمشاعر، بدا واضحًا أن إرث محمد بن عيسى لن ينتهي برحيله، بل سيظل حاضرًا في ذاكرة المدينة والمغرب ككل، كواحد من أبرز الشخصيات التي جمعت بين الفكر، والثقافة، والسياسة، والدبلوماسية، ليظل اسمه محفورًا في تاريخ المغرب الحديث.