خبراء يرصدون مخاطر تجميد المساعدات الأمريكية على المنظمات المدنية بشمال إفريقيا

نظمت شبكة الابتكار للتغيير – الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الجمعة 28 فبراير 2025 ندوة عن بعد حول تأثير تجميد المساعدات الخارجية الأمريكية على منظمات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مسجلة “التأثيرات الخطيرة والوجودية” لهذا القرار، والتي تهدد وجود عدد من المنظمات في دول المنطقة.
أسوأ تراجع منذ 75 عامًا
وفي هذا الجانب، أكد إبراهيم سرحان، عضو بمنظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان بالبحرين، أن بعض المنظمات بدأت “تنسحب وأغلقت مشاريعها بشكل تام، مما سيفتح المجال أمام الحكومات الاستبدادية لاستغلال هذا الفراغ، والاستمرار في بعض الممارسات الانتهاكية”، مضيفًا: “نحن أمام تراجع لم يحدث منذ أكثر من 75 عامًا، أي منذ تأسيس الأمم المتحدة”.
وأوضح سرحان أن هذا الوضع “يصب بشكل واضح في صالح الحكومات الاستبدادية، حيث ستكون هناك مساحة كبيرة لإيقاف الضغط الدولي على الدول الاستبدادية، بحيث لن تكون هناك إدانات واسعة كما كان عليه الحال”، مستشهدًا بما يحصل في الكويت “من سحب الجنسيات دون أن يكون هناك أي إدانة لهذه المشكلة”.
وتابع المتحدث أن إيقاف المساعدات يعكس “تراجع حقوق الإنسان ضمن قائمة الأولوية، بحيث لم يعد هناك اهتمام دولي كبير بمكافحة عدد من الانتهاكات التي تقوم بها الحكومات الاستبدادية، مما يمنحها فرصة للاستفادة من غياب الضغط الدولي، والتمادي في بعض الانتهاكات كالتعذيب والإعدام”.
بالإضافة إلى ذلك، يرى سرحان أن “استمرار تجميد الدعم لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية سيؤدي إلى تآكل شبكات دولية استغرق إنشاؤها عقودًا من الزمن، وتطلبت تخطيطًا كبيرًا من مناضلين وخبراء حتى يصير لها صوت عالٍ في الإدانة ومكافحة الانتهاكات”، مستدركًا أنه “حتى إن تعافت مستقبلاً، لن تعود إلى ما كانت عليه سابقًا”.
تحديات منذ 7 أكتوبر
من جانبه، يرى مصطفى فؤاد، المدير التنفيذي لمنظمة “هيومينا” لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، والتي تنشط في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أن منظمات المجتمع المدني تواجه تحديات وجودية بدأت منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، وبداية الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتابع فؤاد أن “كل المنظمات التي اتخذت موقفًا أخلاقيًا من الحرب، تم إيقاف تمويلها بشكل أو بآخر، أو تعليق تمويلاتها، أو وضع عقبات أمامها، مضيفًا أن الوضع تفاقم بعد تولي الإدارة الأمريكية الجديدة وتجميد المساعدات الخارجية”.
وأبرز أن “ما يحدث في هذه الفترة ليس مجرد أزمة خاصة بمجموعة من المنظمات، ولا يمس فقط المنظمات الحقوقية، بل يمس المجتمع المدني بمفهومه الأوسع. مشيرًا إلى أن هذا الوضع له تأثير كبير جدًا على الفضاء المدني، والناشطين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والحركات الاجتماعية، والضحايا”.
وتابع أن “وقف الدعم أدى بالفعل إلى تقليص فريق العمل وتقليل عدد البعثات والاجتماعات التي كانت ضمن خطة المنظمة”، مضيفًا أن “هذا التراجع سينعكس على التواصل مع صناع القرار، وإلغاء تنظيم الفعاليات المخططة لها لسنة 2025 بهدف كشف الانتهاكات بشكل أكبر”.
وأكد أن هذا الوضع “يخلق فراغًا خطيرًا جدًا، ويمنح الأنظمة القمعية مساحة أكبر للقمع، دون أن يكون هناك أي صوت قادر على مواجهتها، أو فضح انتهاكاتها، أو تسليط الضوء على ما يحدث”، لافتًا إلى أن “المثير للسخرية هو أن الدول التي تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، هي نفسها التي توقف التمويل عن المنظمات التي تعمل على دعم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان”.
14 مليون دولار للمغرب
وأوضح رامي شرف، عضو منظمة “لينيير لاينز”، أن تجميد المساعدات الأمريكية تسبب في إيقاف ما يناهز 200 مليون دولار موجهة إلى دول شمال إفريقيا، من بينها 14 مليون دولار للمغرب، مخصصة أساسًا إلى “المناطق المهمشة مثل منطقة الريف”، حيث يحتل المغرب المرتبة الرابعة كأكثر دول المنطقة استقبالًا للمساعدات المالية.
وأبرز شرف أن برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) ستكون إحدى أهم البرامج تأثرًا بهذا القرار، مضيفًا أن “هذا الفيروس يشكل مرآة للمجتمع، فعندما يكون التعليم ضعيفًا، والنظام الصحي مترديًا، والفضاء المدني مغلقًا، فإن انتشار (HIV) يزداد”.
وتابع أنه حاليًا، “هناك منطقتان فقط في العالم تشهدان ارتفاعًا في معدلات الإصابة بفيروس HIV، إحداهما الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأخرى غرب آسيا وشرق أوروبا، مثل أوكرانيا وروسيا وبعض الدول المجاورة”.