نجاح زرع أول جهاز مساعد للقلب والشرايين طويل الأمد بالمستشفى العسكري بالرباط

نجح فريق طبي-جراحي في المستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط في إجراء أول عملية زرع جهاز مساعد للقلب والشرايين طويل الأمد لمريض يبلغ من العمر 39 سنة كان يعاني من قصور عضلة القلب المزمن في مرحلة نهائية.
وتندرج هذه العملية في إطار المساعدة الميكانيكية للدورة الدموية، والمعروفة بـ”جهاز مساعدة البطين الأيسر” (Left Ventricular Assist Device).
ويتعلق الأمر بعملية جراحية للقلب المفتوح يقوم خلالها الجراح بتثبيت مضخة ميكانيكية في طرف القلب، وتحديدا في البطين الأيسر، التي تسحب منه الدم وتضخه في الصمام الأبهري. ويتم توصيل هذه المضخة بكابل ووحدة تحكم خارجية تعمل ببطاريتين قابلتين لإعادة الشحن.
وتشكل هذه التقنية الثورية المعتمدة بأمريكا وأوروبا وآسيا بديلا للزرع القلبي المحدود بندرة البصيلات على الصعيد العالمي.
ولم يكن المريض الذي بلغ المرحلة النهائية من فشل القلب المزمن عيش حياته بشكل عادي، إذ كان يجد صعوبة في القيام بمهامه الاعتيادية.
واستوجب هذا المرض الذي يقلص أيضا وبشكل كبير أمد حياته علاجات متواترة لمعالجة قصور عضلة القلب.
وأكد الطبيب العقيد، رئيس مصلحة جراحة القلب والشرايين بالمستشفى العسكري محمد الخامس بالرباط، يونس متقي الله، أن إجراء العملية تم من قبل فريق طبي-جراحي متعدد التخصصات بالمستشفى العسكري محمد الخامس، وتحديدا مركز طب القلب، الذي دشنه الملك محمد السادس سنة 2017.
ويتعلق الأمر بأول زرع ناجح بالمملكة، على اعتبار أن المريض تعافى بالكامل بعد شهر من إجراء العملية ويتابع حاليا برنامج إعادة التأهيل.
وأضاف أن الأمر يتعلق ببداية مسار سيجعل هذا النوع من العلاج في متناول الجميع، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر على كل الكفاءات المطلوبة لإجراء عمليات الزرع وفق أعلى المعايير العالمية.
من جانبه، أعرب الطبيب العقيد، رئيس مصلحة الإنعاش القلبي الرئوي، محمد دريسي، عن فخره بالانتماء إلى الفريق الطبي الذي أجرى هذه العملية الناجحة، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بتدخل جراحي معقد تطلب عناية دقيقة قبل وأثناء وبعد إجراء العملية الجراحية.
وأوضح أن العملية تستغرق في المتوسط أربع ساعات، وتتطلب تخديرا عميقا عالي الخطورة، مما يستوجب مراقبة مكثفة مع استخدام وسائل وإمكانيات واسعة، مؤكدا أن الرعاية بعد الجراحة تستوجب خبرة واسعة لضمان التحكم في معايير الدينامية الدموية والعصبية والتنفسية للمريض.
من جهتها، أشارت الطبيبة المقدم نجاة معين، رئيسة مصلحة أمراض القلب السريرية، إلى أن جهاز مساعدة البطين الأيسر يمكن المرضى من استعادة جودة الحياة بفضل تحسين وظيفة انقباض القلب.
وأضافت أنه لكي يكون المريض مؤهلا لإجراء هذه العملية، ينبغي أن يخضع لتقييم ما قبل الجراحة، وأن يكون أداء البطين الأيمن جيدا، بالإضافة إلى أداء سليم للصمام الأبهري.
ويتطلب جهاز مساعدة البطين الأيسر فحصا طبيا شاملا قبل الجراحة، وإجراء تخطيط دقيق لصدى القلب لتحديد المعايير وأبعاد الحجرات المختلفة، إضافة إلى تقييم وظيفة الانقباض لكل من البطين الأيمن والأيسر، كما يتطلب الأمر إجراء قسطرة قلبية (للجانب الأيمن) لتحديد ضغط الدم الرئوي.
وبعد العملية، يحتاج المريض إلى جلسات إعادة التأهيل القلبي بمعدل ثلاث إلى أربع جلسات أسبوعيا، بالإضافة إلى فحوصات طبية دورية خلال الأشهر الأولى، وتناول مضادات التخثر لمنع تجلط الدم، فضلا عن العناية المنتظمة والدقيقة بمنطقة خروج الجهاز لتجنب أي عدوى، مما يسمح له بممارسة حياة طبيعية ونشطة.
من جانبه، أعرب العريف أول محمد زوركان، المستفيد من هذا الابتكار الطبي، عن سعادته باستعادة حياته الطبيعية، موضحا أنه قبل العملية كان يعاني من تعب مزمن، وخفقان القلب، وآلام وضيق في التنفس عند أدنى مجهود، فضلا عن الأرق.
وبفضل هذا الإنجاز، أصبح المغرب ضمن قائمة البلدان القليلة التي تمتلك الخبرات اللازمة لعلاج وتتبع المرضى الوطنيين والدوليين الذين خضعوا لعملية زراعة جهاز مساعدة البطين الأيسر.