خبراء يطالبون بتعديل المادة 221 مكرر من قانون المالية لتجنب “تغول” الإدارة الضريبية
أثار قانون المالية للسنة الجارية جدلًا واسعًا بين أساتذة وخبراء في المجال المالي والضريبي، خلال ندوة علمية نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وذلك يوم الاثنين 24 فبراير 2025.
وتركز النقاش في الندوة على المادة 221 مكرر مرتين، التي تنظم مسطرة الاتفاق الودي بين الخاضع للضريبة والإدارة، حيث تنص على أنه “يمكن للخاضع للضريبة، خلال المساطر الجبائية، أن يبرم اتفاقًا وديًا مع الإدارة حول المسائل الواقعية المتعلقة بعناصر فرض الضريبة، دون أن يشمل الاتفاق المسائل القانونية”.
وانتقد جواد لعسري، أستاذ المالية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، هذه المادة، مشيرًا إلى أنها ستؤدي إلى خلط بين القانون والواقع، مما يجعل الإدارة تقوم بدور تشريعي مكمل للمشرع الأصلي، وهو ما اعتبره مخالفًا للقانون الإطار.
وحذر الخبير الضريبي من أن هذه المادة تمثل تراجعًا عن المادة 15 من القانون الإطار، التي تنص على أن الضريبة تُفرض بناءً على مسائل الإثبات، مشيرًا إلى أن استمرار العمل بها قد يمنح امتيازات للبعض ويحرم آخرين، مما يهدد مبدأ المساواة.
وأوضح أن الإدارة، في هذه الحالة، لن تكتفي بتطبيق القانون فقط، بل ستصبح جهة تفاوضية مع الملزمين بالضريبة، وهو ما يعزز سلطتها ويجعلها طرفًا متحكمًا في العملية الضريبية.
وأكد لعسري أن هذه المادة تمثل “مهزلة قانونية”، لأنها قد تؤدي إلى “تغول” الإدارة، عبر منحها سلطة تحديد الامتيازات الضريبية وفق معايير غير واضحة، مما يشكل خرقًا لمبدأ المساواة والمقتضيات الدستورية، خاصة الفصل 71.
وأوصى المشاركون في الندوة الحكومة بتعديل المادة 221 مكرر مرتين في قانون المالية المقبل، حتى تكون متماشية مع القانون الإطار والمبادئ الدستورية.
وفي سياق آخر، تناول عبد العالي أجناح، أستاذ التعليم العالي بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، موضوع الاستدامة المالية، مشيرًا إلى أن قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية مرتبطة بفعالية النظام الضريبي.
وأكد أن المغرب يواجه تحديات مالية كبرى، تشمل تمويل مشاريع الحماية الاجتماعية، وتنفيذ مخرجات النموذج التنموي، مما يستدعي إصلاحًا عميقًا للنظام الضريبي لضمان استدامة الموارد المالية دون اللجوء إلى الاستدانة المفرطة.
وخلصت الندوة إلى ضرورة إعادة النظر في الثقافة الضريبية بالمغرب، من خلال إصلاحات تشريعية وضريبية تضمن التوازن بين حقوق الدولة وحقوق دافعي الضرائب، بما يعزز الشفافية والعدالة الضريبية.