story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

خبير: يمكن توفير السردين بثمن لا يتجاوز 10 دراهم للكيلوغرام طيلة السنة – حوار

ص ص

انتشرت مؤخرًا فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لبائع سمك من مدينة مراكش يعرض السردين بسعر يتراوح بين 5 و7 دراهم للكيلوغرام فقط، وهو ما أثار نقاشًا وتساؤلات كثيرة لدى المغاربة حول “السعر الحقيقي” لهذا السمك، خصوصًا بعد انتشار صور وفيديوهات مشابهة تكشف أن سعر البيع الأول للسردين لم يتجاوز 3 دراهم في بعض الموانئ، في حين قد يصل السعر النهائي إلى 30 درهمًا في بعض المناطق.

نقلنا هذه التساؤلات إلى محمد الناجي، أستاذ وباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة ورئيس شعبة الصيد البحري وتربية الأسماك، بالإضافة إلى كونه خبيرًا دوليًا معتمدًا لدى برنامج الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (الفاو)، حيث يرى الناجي أن الوسطاء هم العامل الرئيسي وراء ارتفاع أسعار السردين في المغرب، مشيرًا إلى أنه يمكن توفير السردين على مدار السنة بسعر لا يتجاوز عشرة دراهم للكيلوغرام الواحد، وذلك في إطار مشروع وطني متكامل.

وفيا يلي نص الحوار:

  • لماذا يرتفع سعر السردين النهائي في بعض المناطق، رغم أن سعر البيع الأول في الميناء لا يتجاوز في بعض الحالات 3 دراهم؟

يُعَدّ تعدد الوسطاء العامل الرئيسي وراء ارتفاع أسعار السردين في المغرب، حيث يؤدي كل وسيط إلى زيادة في التكلفة النهائية. وفي بعض الحالات، يكون هذا التعدد ضروريًا ولا يمكن تجنبه. وعادةً ما يصل عددهم في سلسلة التوزيع إلى ثلاثة وسطاء، وقد يصل في بعض الحالات إلى أربعة وسطاء.

على سبيل المثال، عندما يتم تفريغ السردين في ميناء العيون ثم بيعه في الرباط، فمن الطبيعي أن يكون هناك 3 وسطاء، الأول هو التاجر المعتمد الذي يشتري من المرسى بالجملة، والذي يجب أن يكون حاصلًا على بطاقة مهنية من المكتب الوطني للصيد، وهي البطاقة التي تخوله قانونيًا دخول المرسى وشراء السمك، فلا يمكن لأي تاجر دخول المرسى وشراء السمك دون استيفاء هذه الشروط.

وبعد ذلك، يتعين على هذا الوسيط نقل الكميات التي اشتراها إلى أسواق الجملة المعتمدة في مختلف المدن، حيث يقوم تجار الجملة بشراء هذه الكميات ومن ثم توزيعها على محلات البيع بالتقسيط، وبالتالي فإن عملية البيع في هذه الحالة عرفت تدخل ثلاثة وسطاء قبل وصول السلعة إلى المستهلك النهائي.

يُضاف إلى هذا، تغير سعر البيع الأول حسب الموانئ، ففي الوقت الذي يحدد القانون الحد الأدنى لسعر البيع الأول، وهو السعر الذي يُباع به السمك مباشرة بعد خروجه من السفينة في المرسى، بحيث لا يقل عن 2.80 درهم كمتوسط، مع ترك الحد الأقصى خاضعًا لمنطق العرض والطلب، نجد أن الموانئ التي يتوفر فيها السردين بكثرة تشهد انخفاضًا في الأسعار، حيث يمكن أن يصل هذا السعر إلى 3 أو 4 دراهم، كما هو الحال في موانئ المناطق الجنوبية.

بينما في الموانئ التي يكون فيها العرض قليلًا يرتفع هذا السعر، فمثل في ميناء آسفي، فقد تراوحت الأسعار خلال الأسبوع الماضي ما بين 6 و8 دراهم، وفي العرائش وصل السعر إلى 9 دراهم، وفي موانئ البحر المتوسط تتراوح الأسعار بين 10 و15 درهمًا، وبالتالي، إذا كان سعر البيع الأولي 10 دراهم وأضفنا إليه هامش الربح الذي يأخذه الوسطاء، فقد يصل السعر النهائي بسهولة إلى 30 درهمًا.

هذا الواقع يبرز المشكلة الموضوعية للوسطاء، الذين يكونون ضروريين في بعض الأحيان، ولكن في حالات أخرى يكونون زائدين عن الحاجة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، كما يحدث في قطاعات أخرى مثل المنتجات الفلاحية، حيث يمكن أن تباع البطاطس التي تخرج من المزرعة بسعر 30 سنتيمًا لتصل إلى المستهلك النهائي بسعر 4 دراهم.

  • ما هي العوامل التي تؤثر على توفر السردين وأسعاره خلال بعض الفترات في السنة؟

في الحقيقة، العرض على المستوى الوطني يظل مشكلة معقدة للغاية، حيث يُعرف أن المغاربة يستهلكون ما بين 400 ألف و500 ألف طن من السردين سنويًا، أي بمعدل 13 كيلوغرامًا لكل مواطن، وذلك في الوقت الذي تشير فيه المعطيات الرسمية إلى أن الإنتاج الوطني يتجاوز 1.1 مليون طن، وقد يصل إلى 1.5 مليون طن عند احتساب إنتاج القطاع غير المهيكل.

ويتنافس الإنتاج الصناعي بشكل كبير على المادة الخام مع الاستهلاك الطازج (أي استهلاك المواطنين)، حيث يستحوذ إنتاج المصبرات (المعلبات) على ما بين 300 و400 ألف طن سنويًا، بينما يستهلك قطاع التجميل كمية مماثلة، أما قطاع دقيق السمك فيستهلك نحو 600 ألف طن، ويذهب الباقي إلى الاستهلاك الطازج.

وفي بعض الأحيان، تكون المادة غير صالحة للاستهلاك، فتصبح موجهة لصناعة دقيق السمك، أما عندما تكون المادة صالحة للاستهلاك، فإنها تكون موضع تنافس شديد بين الوحدات الصناعية والاستهلاك الطازج، مما يساهم في رفع الأسعار تبعًا للعرض والطلب.

إضافة إلى ذلك، فإن مشكلة السردين تكمن أيضا في عدم إمكانية تخزينه لفترات طويلة، فالسردين لا يتحمل التخزين لفترات طويلة، وبالتالي عندما يكون هناك فائض في الإنتاج، ينخفض السعر بشكل حاد، وعندما يكون العرض قليلًا، يرتفع السعر بسرعة، خصوصًا مع دخول الوحدات الصناعية في المنافسة على المادة الخام.

بالإضافة إلى هذا، فإن العرض في موانئ مدن الشمال يظل قليلا جدًا، في حين أن سكان هذه المدن معروفون بعاداتهم الاستهلاكية الكبيرة للسمك، مما يخلق فجوة كبيرة بين العرض والطلب، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار باستمرار، خصوصًا أن السمك المتواجد في المناطق الشمالية يتميز بجودة أعلى مقارنة بأسماك المناطق الجنوبية، مما يجعله أكثر طلبًا.

  • سبق وأكدت في تصريحات سابقة أن سعر السردين من الممكن أن يتم توفيره على طول السنة بثمن لا يتجاوز 10 دراهم للكيلوغرام، كيف ذلك؟

أرى أنه يمكن توفير السردين على طول السنة بسعر لا يتجاوز عشرة دراهم للكيلوغرام الواحد، لكن ذلك في إطار مشروع متكامل، تشرف عليه الدولة أو تتولى تدبيره تجمعات مهنية، حيث يجتمع أصحاب مراكب الصيد، بالإضافة إلى وحدات التخزين، إلى جانب الموزعين، وذلك في إطار مجموعات النفع الاقتصادي (GIE).

وبالتالي، يمكن أن تتحد الشركات ضمن هيئة ذات شخصية معنوية تحمل صفة شركة، بحيث يمكن للمجهزين والمخزنين والموزعين أن يتحدوا في إطار مجموعة النفع الاقتصادي، وعندئذٍ تصبح نفس المجموعة، في إطار المصالح المشتركة، هي التي تقوم بالصيد والتخزين والتوزيع، مما يلغي دور الوسطاء تمامًا.

وهكذا يمكن للمجموعة التي تمتلك مراكب الصيد، التعشير على مفرغاتها بثمن يصل إلى 6 دراهم للكيلوغرام الواحد، ينضاف إلى ذلك درهمان للنقل والتوزيع، وهو ما يترك لها هامش ربح معقول يصل إلى 2 درهم، وبالتالي فمن الممكن أن يصل المنتج إلى المستهلك النهائي بثمن 10 دراهم.