story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
ثقافة |

حسن رشيق: الألفة والبعد في الأنثروبولوجيا

ص ص

في درس تنصيبه عضوًا بأكاديمية المملكة المغربية، طرح عالم الأنثروبولوجيا حسن رشيق رؤية جديدة حول العلاقة بين الألفة والبعد في البحث الاجتماعي والإنساني. وأوضح أن موقع الباحث في هذا المجال يتأرجح بين الألفة والبعد، وهو وضع مرن يعتمد على السياق الذي يتحرك فيه الباحث.

وأشار رشيق إلى أن الألفة قد تكون عائقًا أمام الفهم العميق، موضحًا أن هناك تصورًا سلبيًا ورثته العلوم الإنسانية والفلسفية عن الألفة الضيقة والأحكام المسبقة. وذكر أن التقاليد الوضعانية سعت إلى فصل الباحث عن الجماعات الأولية كالدينية والإثنية والسياسية لصالح الجماعة العلمية.

ورغم ذلك، يرى رشيق أن الألفة يمكن أن تؤثر على الوصف العلمي، سواء كان الباحث وضعانيًا أم لا. واستشهد بتجربته الشخصية حين كان باحثًا مبتدئًا، حيث لم يلتفت إلى تقليد الذبح لكونه مألوفًا لديه، بينما انجذب إلى عادات أخرى بدت له غير مألوفة.

ولتجاوز آثار الألفة، دعا رشيق إلى تبني نهج الشك المنهجي لديكارت والجهل المنهجي لدوركهايم، مما يسمح للباحث بمقاربة الواقع كما لو أنه جديد بالكامل. وأكد أهمية استخدام لغة السكان المحليين دون ادعاء الجهل أو التصنع في المعرفة، مع إتاحة المجال للمبحوثين للتعبير عن أفكارهم دون تدخل استباقي من الباحث.

وفيما يتعلق بوصف “أنثروبولوجي بلده”، أوضح رشيق أن هذا الوصف نسبي، إذ يكتشف الباحث مفاهيم جديدة حتى في بيئته الأصلية، وقد يصاب أحيانًا بدوار ثقافي أمام الاكتشافات غير المتوقعة.

واستشهد بمثال حول تأثير الألفة، حيث لاحظ أن أنثروبولوجيًا أجنبيًا درس منطقة صفرو كتب أن الدارجة المغربية تفتقر إلى كلمة تعني “المجان” باستثناء “فابور” ذات الأصل الإسباني. لكن رشيق أشار إلى أن المغاربة يستخدمون كلمة “باطل” في مناطق عدة لهذا المعنى، وهو ما لم يدركه الباحث الأجنبي.

ورغم إقراره بأن ألفته نسبية ومحدودة، شدد على أن الباحث لا يقتصر على جماعته الأصلية، بل ينتمي إلى جماعات ثانوية متعددة، مثل الجماعة العلمية المحلية والدولية. وأكد أن الألفة والبعد ليسا موردين ثابتين، بل أدوات يجب استخدامها بوعي دون المبالغة في الاعتماد على أي منهما.