story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
جالية |

من طفل “حراگ” إلى ضابط شرطة.. قصة مغربي هاجر مختبئاً تحت شاحنة

ص ص

لم يركب بحراً ولم يجتز سياجاً، اختار مروان وهو طفل قاصر بعمر 15 سنة، العبور إلى الضفة الأخرى بطريقة غير نظامية مختلفة، مختبئاً أسفل شاحنة تجارية قبل صعودها سفينة متوجهة نحو إسبانيا من ميناء طنجة، دون أن يدرك أنه بعد مرور 13 سنة سوف يصبح هذا الطفل الذي قرر “الحريگ”، ضابط شرطة في دوس هيرماناس بالأندلس.

مروان الشهيبي برايك (28 عاماً)، شاب مغربي حظيت قصته في الآونة الأخيرة باهتمام الإعلام والرأي العام الإسباني، بعد مقابلة أجراها معه الموقع الإلكتورني 101tv.e، كقصة كفاح ملهمة لشاب واجه الصعاب في طريق البحث عن حياة أفضل، اعتبرها متابعون مثالاً حياً على قوة الإرادة.

بداية الرحلة

وصل مروان إلى إسبانيا، وفقاً لما قصّه عبر الموقع المذكور، مختبئاً تحت شاحنة، إذ نجح في العبور عبر مضيق جبل طريق إلى ميناء الجزيرة الخضراء، بعد محاولات عديدة تم إيقافه فيها من قبل الشرطة.

يقول مروان إنه كان يعرف أنه يبحث عن فرصة، مشيراً إلى أنه توجد فرص في المغرب أيضاً “لكنها ليست متاحة للجميع، خاصة لمن ينتمون إلى عائلات متواضعة مثل عائلتي، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة”.

قرر مروان الرحيل مع أصدقاء طفولته، دون أن يخبر والديه بنيته خوض مغامرة الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا. وبعد وصوله إلى الجزيرة الخضراء، تم ضبطه من قبل حراس الأمن لينقل في الحين إلى مركز إيواء القاصرين، حيث مكث هناك لعدة أسابيع قبل أن يتم تحويله إلى مركز آخر في إشبيلية.

يقول مروان: كنت دائماً أرغب في القدوم إلى إسبانيا، كنت أبحث عن فرصتي، وأردت الوصول دون التسبب في أي ضرر لأحد، مع احترام الآخرين، والتعلم منهم، واستغلال الفرص المتاحة لي.

كفاح في الغربة

بعد تنقله بين عدة مراكز ودور رعاية، التحق بدورة في البستنة وبدأ في تعلم اللغة الإسبانية. لكنه سرعان ما أدرك أن هذا المجال لا يناسبه، فانتقل إلى دراسة الكهرباء، حيث أكمل تكوينه المهني وحصل على شهادة التعليم الثانوي الإلزامي (ESO) في سن التاسعة عشرة.

ويقول مروان إنه تمكن من بدء دراسة الباكالوريا، بفضل مؤسسة دون بوسكو والسلزيان، في الوقت الذي كانت تتم فيه إجراءات حصوله على الجنسية الإسبانية، ما أتاح له التقدم لاختبارات الشرطة المحلية، مشيراً إلى أنه لطالما كان هدفه الانضمام إلى قوات الأمن في إسبانيا.

ولفت إلى أنه عند بداية تحضيره للامتحانات، انتابته الشكوك حول قدرته على النجاح، بسبب حجم المواد الدراسية وصعوبة الفهم بسبب اختلاف اللغة والثقافات، لكنه لم يستسلم، وكرّس ساعات طويلة للمذاكرة، مستعيناً بأساتذته عند الحاجة، حتى أنه كان يتصل بهم باستمرار لطلب للاستفسار والمساعدة.

مروان شرطياً

وبعدما بلغ 25 ربيعاً، تلقى مروان مكالمة من بلدية دوس هيرماناس الأندلسية، تخبره بأنه اجتاز امتحان الشرطة المحلية، ولم يتبقَ له سوى الفحص الطبي للانضمام رسمياً إلى الجهاز الأمني.

يصف مروان هذا اليوم، عبر المقابلة، بتأثر شديد، وهو يقول “بدأت أبكي طوال الطريق إلى المسجد (كان يوم جمعة)، واستعدت في ذهني ذكريات محاولاتي المتكررة للوصول إلى إسبانيا، عندما كنت في الخامسة عشرة مختبئاً تحت شاحنة، وتذكرت كل الصعوبات التي مررت بها”.

رسالة مروان

يرى مروان أن قصته تكسر الصورة النمطية السلبية عن القاصرين الأجانب غير المصحوبين، والتي تصورهم كمجرمين أو مخربين. يقول: بعد 11 عاماً، أستعيد لحظة بكائي تحت شاحنة، واليوم أتلقى اتصالاً يخبرني بأنني أصبحت شرطياً. إنها لحظة لا توصف بالسعادة”.

ويوجه الشاب المغربي رسالة إلى الشباب المهاجرين، قائلًا إن 80 في المائة من القاصرين الذين يصلون إلى إسبانيا يبحثون عن فرصة للعمل والدراسة وتحقيق مستقبل أفضل.

ويؤكد أن هناك نسبة قليلة فقط تضل طريقها بسبب المخدرات أو الانحراف، لكن الغالبية تسعى بجد لتحسين حياتها.

ويختم مروان حديثه برسالة تحفيزية لكل من يملك طموحاً من المهاجرين في إسبانيا ويسعى لتحقيقه، قائلاً “يجب اغتنام الفرصة، يجب القتال من أجلها، وفي النهاية، هذا البلد يكافئ من يعمل بجد. علينا أن نشعر بالفخر به، لأنه يعطي الفرص لمن يستحقها”.