story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

بوعياش: يجب أن نجعل الإنسان محور التنمية كما أراد الإسلام

ص ص

أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، أن التنمية ليست مجرد مؤشرات نمو اقتصادي أو برامج اجتماعية، بل هي حق أساسي من حقوق الإنسان يتطلب مقاربة متكاملة تقوم على قيم الحرية، المساواة، العدالة، والتضامن.

وقالت بوعياش في كلمتها، خلال لقاء تواصلي نظمه المجلس العلمي الأعلى بالرباط، الأحد 09 فبراير 2025، إن “التنمية ليست فقط تلبية لاحتياجات الأفراد، بل هي إزالة للعوائق التي تمنعهم من التمتع الكامل بحقوقهم، مما يجعلهم فاعلين حقيقيين في مسارات التنمية، وليس مجرد مستفيدين سلبيين.”

التنمية كحق إنساني

واستهلت بوعياش حديثها بالتأكيد على أن التنمية، وفقًا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يجب أن تستند إلى ثلاثة مبادئ رئيسية:

  1. التنمية كحق من حقوق الإنسان: حيث ينبغي أن تعزز قدرات الأفراد، وتتيح لهم المشاركة الفعالة والاستفادة العادلة من الموارد.
  2. عدم اختزال التنمية في تلبية الحاجيات فقط: بل يجب أن تجعل الأفراد في موقع الفاعلية والمسؤولية، بدل التعامل معهم كمتلقين سلبيين.
  3. اعتماد مقاربة فعلية للحقوق: تستند إلى أبعاد قانونية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية، لضمان تحقيق التنمية المستدامة والشاملة.

وأبرزت بوعياش أن التنمية الحقيقية “لا تُقاس فقط بالأرقام الاقتصادية، بل يجب أن تكون في صلب معادلة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الثقافية والاجتماعية المحددة للقيم التي تحفز التنمية.”

إلتقاء مقاصد الإسلام وحقوق الإنسان

وفي إطار العلاقة بين التنمية وحقوق الإنسان، شددت بوعياش على أن الإسلام، كدين ذي مقاصد كونية، يتقاطع بشكل واضح مع القيم المؤسسة لمنظومة حقوق الإنسان.

وأوضحت أن “مقاصد الدين الحنيف لا تتعارض في جوهرها مع الأساس الأخلاقي لحقوق الإنسان، بل يمكن توسيع أوجه الالتقاء بينهما عبر الاجتهاد، لجعلها أكثر ارتباطًا بتحولات المجتمع.”

وأضافت أن الاجتهاد الفقهي يلعب دورًا حاسمًا في تطوير العلاقة بين حقوق الإنسان والقيم الإسلامية، مؤكدة أن “الممارسات والسلوكيات الفردية والجماعية تحتاج إلى مراجعة قانونية واجتماعية وثقافية لضمان تحقيق التنمية التي تحترم كرامة الإنسان.”

القيم الأساسية التي تحفز التنمية

وحددت بوعياش أربع قيم رئيسية يجب أن تقوم عليها التنمية في المغرب، وهي: القيمة الأولى تتمثل في”الحرية”؛ حيث اعتبرتها مبدأ أساسيًا، قائلة: “الحرية لم تعد مجرد مفهوم نظري، بل أصبحت حجر الأساس لكل تنمية مستدامة، إذ إنها تتيح للفرد والجماعة إمكانية الابتكار، والتعبير، والمشاركة في صياغة السياسات التنموية.”

أما القيمة الثانية تتمحورُ حول المساواة، مشددة على أن “تحقيق التنمية العادلة يتطلب إزالة الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، وليس فقط الاكتفاء بتضمين مبدأ المساواة في القوانين، بل يجب أن ينعكس ذلك فعليًا على مستوى توزيع الفرص والموارد.

أما القيمة الثالثة فتتجسد في العدالة؛ حيث استشهدت بنظرية القدرة لأمارتيا سين، موضحة أن التنمية العادلة لا تعني فقط توزيع الموارد، بل ضمان قدرة الأفراد، وخاصة الفئات الهشة، على الاستفادة الفعلية منها.

أما القيمة الأخيرة فهي التضامن؛ معتبرة أنه “في الأوقات العصيبة، أثبت المجتمع المغربي أن التضامن ليس مجرد مفهوم أخلاقي، بل هو قيمة متجذرة تعزز التماسك الاجتماعي وتساعد على تجاوز الأزمات.”

الاجتهاد لتحقيق التنمية

وفي حديثها عن العلاقة بين الدين والتنمية، شددت بوعياش على أهمية التجديد الديني والاجتهاد الفقهي لمواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، قائلة: “الجمود في الخطاب الديني يعيق مسارات التنمية، مما يستوجب تطوير مناهج التعليم الديني وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة.”

وأضافت أن التوازن بين مقاصد الدين ومتطلبات العصر هو مفتاح تحقيق التنمية، مستشهدة بابن رشد الذي أكد على أهمية العقل في تفسير النصوص الدينية وفقًا لمنطق التطور الاجتماعي والاقتصادي.

التعليم بوابة للتنمية

وركزت بوعياش على الدور المحوري للتعليم في تعزيز التنمية، مؤكدة أن “نهضة أي مجتمع ترتبط بمدى قدرته على تعزيز التفكير النقدي، ودعم البحث العلمي، وتشجيع الأفراد على تحليل الواقع والتفاعل الواعي مع تحدياته.”

وأضافت أن المناهج التعليمية في المغرب لا تزال تركز بشكل أساسي على الجوانب الفقهية، بينما يجب أن تتوسع لتشمل الأبعاد الأخلاقية والسلوكية التي تشكل جوهر الدين، مما يساعد الأفراد على فهم العلاقة بين القيم الدينية والتنمية.

 مقاربة تنموية جديدة

ودعت بوعياش في كلمتها إلى تبني مقاربة جديدة للتنمية في المغرب، تقوم على تعزيز القيم الحقوقية وترسيخ ثقافة المشاركة والمساءلة، مؤكدة أن: “التنمية لا يمكن أن تكون مستدامة ما لم تكن مبنية على احترام حقوق الإنسان، وتعزيز دور الأفراد في صياغة السياسات التنموية التي تؤثر على حياتهم بشكل مباشر.”

وأكدت أن تطور منظومة الحقوق والحريات لم يكن نتاجا أحادي المصدر أو مقتصرا على تجربة حضارية بعينها، بل هو ثمرة تحولات اجتماعية وسياسية واقتصادية كما أن مقاصد الإسلام وحقوق الإنسان تعتبر ركائز أساسية للرقي بالقيم الإنسانية وتحقيق التنمية المستدامة.

وخلصت إلى أن الالتقاء بين مقاصد الإسلام ومبادئ حقوق الإنسان يشكل أرضية صلبة لصياغة سياسات تنموية متوازنة، تضمن احترام الكرامة الإنسانية، وتعزز فرص الجميع في الوصول إلى حياة كريمة ومستدامة.