البكاري: الإضراب العام كشف أزمة ثقة بين النقابات والدولة

أكد الأستاذ الجامعي خالد بكاري، أن السياق العام للإضراب الذي دعت إليه النقابات يوم 05 فبراير 2025، له مبرراته المشروعة، بالنظر إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وتراجع القدرة الشرائية، والتحديات التي تواجه الشغيلة، بما في ذلك قانون الإضراب ومسألة التقاعد. ومع ذلك، تساءل بكاري عن توقيت الإضراب وجدواه الفعلية، في ظل المشهد السياسي والاجتماعي الراهن.
وأشار البكاري، خلال استصافته في برنامج “من الرباط” الذي يبث على منصات صحيقة “صوت المغرب”، إلى أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل، “التي كانت من أبرز داعمي حكومة عزيز أخنوش خلال الانتخابات الأخيرة، تحولت فجأة إلى أحد قادة الإضراب، وهو ما يطرح تساؤلات حول خلفيات هذا التغيير”.
وفي هذا الصدد، انتقد المتحدث انسحاب فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين من جلسة التصويت على مشروع قانون الإضراب الإثنين الماضي، وهو ما أدى إلى اتهامه بـ”المساس بالسيادة الوطنية”، رغم أن التصويت أو الامتناع عنه يعد تعبيرًا مشروعًا عن موقف سياسي أو نقابي.
وأضاف خالد البكاري أن النقابات، ورغم احتوائها لمكونات سياسية مختلفة، تظل خاضعة لقيادات مركزية متحكمة، مما يعكس أزمة هيكلية في العمل النقابي المغربي.
واعتبر أن التغير المفاجئ في مواقف الاتحاد المغربي للشغل قد يكون مرتبطًا بقانون النقابات المرتقب، الذي قد يحد من امتيازات القيادات النقابية ويضع مواردها المالية تحت الرقابة.
ويرى المتحدث أن الإضراب لم يكن مؤشرًا على قوة النقابات، بل كشف عن تراجع تأثيرها حتى بين الشغيلة التي تمثلها، مما يعكس أزمة ثقة حادة في الأوساط الاجتماعية. وأوضح أن هذه الأزمة تمتد إلى الأحزاب والحكومة، مما ينذر بتحولات اجتماعية غير متوقعة، خصوصًا في ظل تآكل قنوات الوساطة السياسية.
كما لفت إلى أنه في السابق، كان يجري التعامل مع هذه التحركات عبر التفاوض والتسويات السياسية، “في حين أن الحكومة الحالية لم تقدم أي تنازلات أو وساطة، بل صوتت على قانون الإضراب بالتزامن مع الإضراب نفسه”.
وأكد الأستاذ الجامعي أن هناك خطرًا جراء “تمييع” الاحتجاجات، حيث فقدت الإضرابات القطاعية فعاليتها، ما قد يؤدي إلى الاستخفاف بالإضراب العام كأداة نضالية، مشيرا إلى ضعف التواصل من طرف النقابات، “مما سمح للحكومة باستغلال الثغرات لتقديم تنازلات محدودة دون مواجهة ضغط حقيقي”.
واعتبر المتحدث أن مستقبل العمل النقابي يواجه تحديات كبيرة، إذ حتى في ظل قانون الإضراب المنتظر، تبقى المسألة الأهم هي قدرة النقابات على استعادة ثقة الشغيلة وإعادة بناء ميزان قوى حقيقي في مواجهة السلطة.
وخلص البكاري إلى التحذير من كون غياب المعارضة الفعلية والوساطات السياسية “يعزز سلطة الدولة دون وجود قوى مضادة، وهو وضع قد يؤدي إلى استقرار ظاهري يخفي وراءه توترات قد تنفجر في أي لحظة”، ما لم يتم إعادة بناء آليات التفاوض والحوار الاجتماعي.