story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
التعليم والجامعة |

خبراء يبدون توجسهم من اعتماد التعليم عن بعد جراء انتشار داء “بوحمرون”

ص ص

أثارت القرارات المتضمنة في المذكرة التي عممتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، جراء انتشار داء الحصبة أو ما يسمى بـ “بوحمرون” بعدد من مدارس المملكة، (أثارت) موجة من القلق في صفوف آباء وأولياء التلاميذ جراء اعتماد نظام التعليم عن بعد بدلا من التعليم الحضوري، بالمؤسسات التي تشكل بؤرا وبائية.

ويرى عدد من الخبراء التربويين أن اعتماد هذا النمط من التعليم جراء انتشار مرض الحصبة، في ظل “عدم استعداد” المنظومة التربوية في المغرب لتبني هذا النوع من التعليم، يعد تكرارا لتجربة التعليم عن بعد إبان جائحة كوفيد-19، بما رافقها “من إخفاقات وصعوبات أثرت سلبًا على المسار التعليمي للتلاميذ”.

في هذا السياق، يقول الخبير التربوي عبد الناصر الناجي أن “الحكومة مسؤولة عن ضمان استمرارية الدراسة لجميع المتعلمين، بما في ذلك المصابين بداء الحصبة، معتبرا أن “اللجوء إلى الدراسة عن بعد، يبقى هو الحل الضروري تفاديًا لانتشار العدوى على نطاق واسع”.

ويستحضر الناجي تجربة جائحة كورونا، حيث اضطر التلاميذ المغاربة إلى مغادرة المدارس والاعتماد على التعليم عن بعد، الذي تحول حسب تعبيره إلى “بعد عن الدراسة” نظرًا لعدم استعداد المنظومة التربوية لتبني هذا النمط من التعليم رغم وجود برنامج “جيني” (GENIE) الذي كان من المفترض أن يهيئ المدارس لمثل هذه الطوارئ.

برنامج جيني هو برنامج وطني، يشكل أحد التوجهات الإصلاحية الكبرى التي حددها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والتي تنص على استعمال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل في التعليم العمومي.

وفيما يخص الإجراءات الضرورية الواجب اتخاذها لضمان استمرارية التعليم، يقترح الخبير التربوي عبد الناصر الناجي، وضع استراتيجية متكاملة للتعليم في حالات الطوارئ، “بحيث يجب تحديد التوجهات العامة التي تنظم عملية التعليم عن بعد وتضمن فعاليتها”، داعيا إلى الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي، “إذ ينبغي تجنب الاعتماد على هذه الوسائط والتركيز على منصة رقمية موحدة، مثل منصة “تلميذ تيس” (TelmidTICE)، إذا كانت مؤهلة تقنيًا وبيداغوجيًا.”

“تلميذ تس” هي منصة إلكترونية رقمية طورتها وزارة التربية الوطنية لتقديم دروس الدعم المدرسي عن بعد

وشدد المتحدث على توفير التجهيزات التقنية الضرورية، “وضمان وصولها إلى جميع التلاميذ، حتى في أكثر المناطق تهميشًا وعزلة، فضلا عن توجيه الآباء وتقديم المشورة والتوجيهات لمساعدتهم في مواكبة أبنائهم خلال فترة التعليم عن بعد”.

كما دعا كذلك، إلى اعتماد “التعليم المرن”، الذي يُقصد به تمكين التلاميذ من حضور الدروس عن بعد بشكل مباشر داخل الفصول الدراسية الافتراضية، مما يخفف من شعورهم بالعزلة.

وإلى جانب ذلك، طالب الخبير التربوي عبد الناصر الناجي بالاستثمار في أدوات الذكاء الاصطناعي، “بحيث يمكن تخصيص التعليم بناءً على احتياجات كل متعلم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة”.

ومن جانبه، أعرب الأستاذ الجامعي والخبير في السياسات التربوية حسين زهيدي، عن أسفه للمنظومة التعليمية في المغرب التي “لم تستخلص الدروس الكافية من هذه الأزمات، ولم يتم إرساء نموذج مغربي فعال للتعليم في حالات الطوارئ”، مبرزا أن ذلك “يهدد تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، ويعمق التفاوتات الناتجة عن أزمة كوفيد- 19 وزلزال الحوز”.

ويشدد الخبير في السياسات التربوية على ضرورة إدماج التكنولوجيات الحديثة وتبنيها بشكل منهجي في عمل المؤسسات التربوية، إضافة إلى إعداد نموذج تعليمي يستجيب بفعالية لحالات الطوارئ والأزمات، خاصة مع التحولات المناخية العالمية التي يصعب التنبؤ بمآلاتها.

وفي سياق ذلك، كانت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد دعت في مذكرة موجهة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليمين بتنسيق الجهود مع المصالح المعنية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية من أجل وضع الترتيبات اللازمة لتنظيم عملية مراقبة واستكمال التلقيح ضد داء الحصبة في المؤسسات التعليمية، مع اتخاذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى مواجهة هذه الأزمة الصحية.

وتتجلى هذه الإجراءات في استبعاد التلاميذ الذي امتنع آباؤهم عن تلقيحهم في حالة ظهور حالات مرضية في المؤسسة التعليمية، وذلك لحمايتهم من هذا المرض المعدي.

وطلبت الوزارة بإغلاق المؤسسات التعليمية التي تشكل بؤرا وبائية، وذلك بناء على توصيات المصالح المعنية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، المسؤولة على تقدير درجة خطورة الحالة الصحية واستعجالها.

وبخصوص حالات الإصابات الفردية التي لا تشكل بؤرا وبائية، دعت الوزارة إلى “استبعاد التلاميذ المصابين من المؤسسة التعليمية بناء على نتائج الفحوصات الطبية، مع إخبار جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، والتواصل مع الأمهات الآباء عبر جميع الوسائل المتاحة، وحثهم على إبقاء الطفل المصاب في المنزل حنى انتهاء فقرة العلاج وتأكيد شفائه التام”.

وشددت الوزارة المعنية على أهمية الحملة التلقيحية، “خاصة وأن اللقاح المعتمد أثبت سلامته وفعاليات منذ عدة سنوات من خلال الدراسات والتجارب السريرية”، بما يضمن حماية الفرد و الجماعة.

*سلمى بنعطي: صحافية متدربة