story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

الخبرة المغربية في مكافحة الإرهاب فرضت نفسها على الساحة الدولية

ص ص

خلّف نجاح المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ) في تفكيك خلية إرهابية مكونة من أربعة أفراد، بينهم ثلاثة أشقاء، كانوا يخططون لشن هجمات إرهابية في المغرب، صدى دوليا عكس حجم نجاحات الأجهزة الأمنية المغربية وخبرتها الكبيرة  في إفشال المخططات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار المملكة والمنطقة الإقليمية برمتها.

ووفقًا لتقرير نشرته الصحيفة الفرنسية “لو بوان“، فقد اعتمد المتطرفون، أعضاء “خلية الأشقاء الثلاثة”، على تكتيك “الذئاب المنفردة” و”الجهاد الفردي”، وهو أسلوب بات شائعًا بين الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها في المغرب.

وأوضح المصدر ذاته، أن التحقيقات تشير  إلى أن الخلية المفككة كانت على تواصل مباشر مع قيادات داعش في منطقة الساحل، حيث تلقت تدريبات عن بُعد في تصنيع المتفجرات والتخطيط للهجمات والتمويه من الملاحقات الأمنية.

ووفق المعطيات الإحصائية التي قدمها مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في ندوة صحافية 30 يناير 2025، فقد تم تفكيك أكثر من 40 خلية إرهابية مرتبطة بتنظيمي القاعدة و”داعش” في الساحل الإفريقي، إلى جانب رصد مغادرة 130 متطرفا مغربيا إلى ساحات القتال في الصومال والساحل منذ نهاية 2022.

وأضافت الصحيفة أن هذه المعطيات “تؤكد حجم التهديدات الأمنية التي تمثلها هذه المنطقة على الاستقرار الإقليمي”، مبرزة أن هذه المجموعات تتبع نهجًا مشتركًا يرتبط  بشخصيات إرهابية في الساحل، والتخطيط لعمليات إرهابية محكمة.

وتعتبر منطقة الساحل بؤرة متنامية للتطرف، حيث تسعى الجماعات الإرهابية لتوسيع نفوذها في شمال إفريقيا مستغلة عدم الاستقرار السياسي في هذه المنطقة.

المغرب يدرب دول إفريقيا

في ظل هذا التهديد المتصاعد، قالت الصحيفة الفرنسية “إن المغرب يعزز تعاونه الأمني مع دول القارة الإفريقية، إذ قامت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) بتدريب ضباط من الغابون، كوت ديفوار، غينيا كوناكري، مدغشقر، وتنزانيا، في إطار جهود مكافحة الإرهاب”، مشيرة إلى أن المغرب لم يكتفِ بالمواجهة الأمنية بل تبنّى نهجًا استباقيًا، عبر الجمع بين الأمن والتأطير الديني، لمكافحة التطرف في إفريقيا.

مخيمات تندوف.. بؤرة تجنيد الإرهابيين

ومن بين القضايا التي أثارتها الصحيفة الفرنسية، دور مخيمات تندوف في استقطاب عناصر إرهابية، حيث تحولت هذه المنطقة إلى ملاذٍ آمن للجماعات المتطرفة، بسبب تضاريسها المثالية لتجنيد وتنظيم لوجستياتهم من خلال استغلال انعدام السيطرة وضعف السكان المحليين.

وتشير التقارير إلى أن تنظيم داعش والدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى يستغلان ضعف الرقابة في المخيمات لاستقطاب وتدريب مقاتلين جدد. ومن بين الأمثلة البارزة على ذلك، عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي بدأ مسيرته داخل جبهة البوليساريو حيث كان عضوا سابقاً في قيادة اتحاد شباب البوليساريو، والمسؤول عن استقبال الوفود الأجنبية في مخيمات تندوف.

وكشفت الصحيفة ذاتها أن أبو الوليد الصحراوي تحول من تطرفه الإنفصالي إلى تطرفٍ جديد بعد انضمامه إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي  عام 2008، قبل أن يصبح أحد أكثر قادة داعش المخيفين في منطقة الساحل، لافتة إلى أن رحلته تسلط الضوء على وجود جسور خطيرة بين بعض الفصائل في مخيمات تندوف والجماعات الجهادية الارهابية بالمنطقة.

“أفغانستان جديدة”

وقالت “لو بوان” إن خطر الإرهاب في الساحل لم يكن مفاجئًا للمغرب”، إذ تشير الصحيفة إلى أن الاستخبارات المغربية نبهت منذ سنوات إلى أن المنطقة قد تتحول إلى “أفغانستان جديدة”.

وأكد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن المغرب كان قد حذر منذ ما قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 من أن التنظيمات الإرهابية تسعى لتحويل الساحل إلى قاعدة خلفية لعملياتها.

الإرهاب العائلي

أحد التطورات الخطيرة التي سلطت عليها الصحيفة الضوء هو “الراديكالية العائلية”، حيث تبين أن ثلاثة من أفراد الخلية الإرهابية المفككة هم أشقاء، وكانوا يخططون لتنفيذ هجمات قبل الانضمام إلى داعش في الساحل.

وقد كشف التحقيق أن زعيم الخلية خطط لنقل أبنائه الخمسة إلى معسكرات داعش، في إطار استراتيجية جديدة تعتمد على تجنيد العائلات بأكملها لضمان استمرار التنظيمات الإرهابية.

التجنيد الرقمي للإرهاب

إلى جانب التطرف العائلي، تبرز الصحيفة تهديدًا آخر يتمثل في “التجنيد الإلكتروني”، حيث أصبحت الشبكات الاجتماعية والتطبيقات المشفرة منصات فعالة لنشر الفكر المتطرف.

وكشفت التحقيقات أن العديد من الإرهابيين تم استقطابهم عبر الإنترنت، دون أي اتصال مباشر مع الجماعات المتطرفة.

وردًا على هذه الظاهرة، قامت الاستخبارات المغربية بإنشاء وحدة متخصصة في مراقبة وتفكيك الشبكات الإلكترونية الإرهابية، ما أدى إلى إحباط أكثر من 600 عملية تجنيد عبر الإنترنت منذ عام 2016.

الدمج بين الأمن والتأطير الديني

وقالت الصحيفة الفرنسية إن المغرب لم يعتمد على الحلول الأمنية فقط، “بل انتهج مقاربة متكاملة تستهدف تفكيك الفكر المتطرف من جذوره”.

وأشارت “لو بوان” إلى أن المغرب أطلق منذ أوائل الألفية الثالثة برامج إصلاح ديني تهدف إلى تعزيز الإسلام المعتدل ومنع الخطاب المتشدد، وكان من أبرز هذه الإصلاحات:

  • إنشاء المجالس الإقليمية للعلماء لضمان إشراف ديني موحد.
  • تأسيس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة، الذي يستقطب طلابًا من إفريقيا وأوروبا لنشر خطاب ديني وسطي.
  • برنامج “مصالحة” لإعادة تأهيل المتطرفين داخل السجون، حيث استفاد منه 331 سجينًا، وحصل 177 منهم على عفو ملكي، دون تسجيل أي حالة عودة إلى التطرف.

المغرب شريك أساسي لمحاربة الإرهاب

“وبفضل هذه الاستراتيجية المتكاملة، أصبح المغرب لاعبًا رئيسيًا في الحرب العالمية على الإرهاب”، تقول الصحيفة الفرنسية التي أكدت أن المملكة لا تقتصر على تبادل المعلومات الاستخباراتية، “بل أصبحت منخرطة بشكل مباشر في التحقيقات الدولية المرتبطة بالإرهاب”.

وأوضح مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية حبوب الشرقاوي أن المغرب يواجه تحديات متزايدة بسبب موقعه الجغرافي وقربه من منطقة الساحل، التي باتت بؤرة رئيسية للتنظيمات المتطرفة، لكنه يواصل تعزيز جهوده الاستباقية لحماية أمنه الداخلي والمساهمة في الاستقرار الإقليمي.