لوموند: المغرب يلعب كرة القدم على أرضية الملعب الدبلوماسي
يستعد المغرب لاستضافة بطولة كأس الأمم الإفريقيةلكرة القدم 2025 في الفترة من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 يناير 2026، بعد غياب دام 37 عامًا عن تنظيم هذه المسابقة الافريقية بالمملكة المغربية.
وقد حظي سحب قرعة البطولة، الذي جرى في 27 يناير، بتغطية إعلامية واسعة، لكن الإعلان عن “المعسكرات الأساسية” للمنتخبات المشاركة كان الحدث الأكثر إثارة. إذ خصص المغرب 24 فندقًا فخمًا وملاعب تدريب لكل منتخب، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ البطولة.
هذا التوجه المختلف تمامًا عن “مدن الكان” التي أنشأتها كوت ديفوار في النسخة الماضية، دفع رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “الكاف” باتريس موتسيبي، إلى التأكيد على أن “هذه النسخة ستكون الأفضل في تاريخ البطولة”.
2009 عام التغيير الكروي
بدأت قصة النجاح الكروي المغربي، وفق صحيفة “لوموند” الفرنسية في عام 2009، وهو ما أكده الباحث في السياسات الرياضية منصف اليازغي الذي وصف تنظيم المغرب لهذه البطولة ليس مجرد استضافة، بل هو جزء من سياسة كروية محكمة بدأت منذ 28 مارس 2009، عندما خسر أسود الأطلس أمام الغابون في تصفيات كأس العالم 2010.
هذا الحدث دفع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى إحداث تحولات جذرية، بدأت برحيل الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الجنرال حسني بنسليمان، وتعويضه بعلي الفاسي الفهري الذي سيخلفه الرئيس الحالي فوزي لقجع عام 2014، الذي لعب دورًا محوريًا في تطوير الكرة المغربية.
كان لقجع حسب “لوموند” وراء إنشاء مركب محمد السادس في سلا، وعودة المغرب إلى اللجنة التنفيذية لـ”الكاف” بعد غياب دام 15 عامًا، تزامنًا مع عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، في خطوة دبلوماسية كبرى.
سلاح دبلوماسي لتعزيز النفوذ الإفريقي
إلى جانب إنجازات المنتخب المغربي، الذي بلغ نصف نهائي كأس العالم 2022، عملت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حسب ما جاء في صحيفة “لوموند” على توطيد علاقاتها مع الاتحادات الإفريقية.
كما استضافت المغرب مباريات دولية لمنتخبات إفريقية لا تمتلك ملاعب مطابقة لمعايير الفيفا، مثل لقاءات جيبوتي ضد بوركينا فاسو، الموزمبيق ضد الكاميرون، وغينيا ضد السودان، التي لعبت في مدن مراكش، أكادير وطنجة، وغيرها من المباريات الأخرى.
الصحراء المغربية في قلب اللعبة
ووفق ما أوردته “لوموند” فإن المحللين يرون أن الكرة المغربية لم تعد مجرد نشاط رياضي، بل أصبحت أداة دبلوماسية فعالة في ملف الصحراء المغربية. فمن خلال تعزيز الشراكات الرياضية، يسعى المغرب إلى كسب دعم الدول الإفريقية لقضيته، ومواجهة الموقف الجزائري والجنوب إفريقي، اللذان يدعمان جبهة “البوليساريو” الانفصالية.
وفي سياق متصل، أكد الصحافي هيرفي بينو عن مجلة ليكيب الفرنسية أن “المغرب يتبع نهجًا استراتيجيًا يهدف إلى ضم أكبر عدد ممكن من الدول إلى صفه، في مواجهة الجزائر وجنوب إفريقيا، اللتين لا تزالان تدعمان البوليساريو”.
المغرب يتصدر افريقيا
ومن جانب آخر، أشارت “لوموند” لمكانة المغرب على المستوى القاري، إذ أصبح الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا عام 2024، متجاوزًا مصر للمرة الأولى. ومع اقتراب كأس العالم 2030، الذي ستستضيفه المملكة المغربية بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال أصبح المغرب الوجهة الرياضية الأولى في القارة السمراء كذلك.
لذا فإن تنظيم كأس أمم أفريقيا لعام 2025 يعد بمثابة تمهيد لحدث عالمي أكبر، لكنه يكشف في الوقت ذاته الفجوة الاقتصادية بين المغرب ودول إفريقية أخرى، غير قادرة على تنظيم مثل هذه البطولات بمفردها.