الأزمي: رئيس الحكومة يختبئ وراء الشعارات بدل مواجهة الواقع
انتقد رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، “تهرب عزيز أخنوش من تحمل مسؤوليته في رئاسة الحكومة”، معتبرًا أنه لا ينبغي له في كل مرة أن يستخدم جملة “وضعت نفسي في خدمة المشروع الملكي لبناء مغرب المستقبل” كتبرير للهروب من الواقع.
وقال الأزمي خلال الملتقى الجهوي للهيئات المجالية بمدينة الدار البيضاء، يوم الأحد 2 فبراير 2025، إنه على الحكومة أن تتحمل المسؤولية كاملة أمام الله، وأمام الملك، وأمام الشعب المغربي، مضيفًا أنه لا ينبغي لرئيس الحكومة أن يجد مبررات للتهرب من الواقع ويكرر القول “وضعت نفسي في خدمة المشروع الملكي لبناء مغرب المستقبل”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن هذا الكلام لا يعني شيئًا، متسائلًا: “إذا كان الأمر كذلك، فما فائدة الانتخابات إذن؟”.
وأشار إلى أن الانتخابات تتطلب إنفاق المليارات، وإذا كان الهدف من انتخاب رئيس حكومة هو أن يكون مجرد منفذ للمشروع الملكي، فـ “ما الحاجة إليه إذن؟”.
“أين الدولة الاجتماعية؟”
وأكد الأزمي أن رئيس الحكومة، عندما ترشح، وعد المغاربة بأنهم “يستحقون الأحسن”، إلا أن الواقع السياسي اليوم “يعكس تراجعات ديمقراطية واضحة، و الحكومة التي وُعد بها المغاربة على أساس الكفاءة لم تحقق هذا المبدأ، سواء في تشكيلتها الأولى أو بعد التعديل الحكومي”، مبرزا أن قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة تُدار من قبل شخصيات غير معروفة للمجتمع، ولا تمتلك خبرة واضحة تؤهلها لتحمل هذه المسؤوليات.
وتساءل وزير الميزانية الأسبق بالقول: كيف يمكن بناء مغرب المستقبل إذا كان على رأس وزارة التعليم شخص لا يمتلك دراية حقيقية بالقطاع، ولا يقدر جهود رجال ونساء التعليم؟ مضيفا، “وكيف يمكن تطوير القطاع الصحي إذا كان المسؤول عنه قد عُيّن بناءً على علاقات خاصة، لا على أساس الكفاءة، ولم يسهم سوى في إلغاء صفقات مشبوهة باتجاهات أكثر غموضًا؟”.
وتابع الأزمي أن الحكومة ترفع شعار الدولة الاجتماعية، “أين هي هذه الدولة الاجتماعية؟” مشيرًا إلى أنها “لم تحقق أي إنجاز يُذكر في مجالي الصحة والتعليم، ولم تقدم دعمًا حقيقيًا لسكان الحوز الذين يعانون من ظروف البرد القاسية، بينما يزورهم رئيس الحكومة في زيارات مرتبة بعناية، تخدم الصورة أكثر مما تخدم الواقع”.
“ليس مدربا”
واعتبر المسؤول الحزبي أن المشهد السياسي اليوم أصبح “سرياليًا”، خاصة وأن رئيس الحكومة نفسه هو من أطلق شرارة الحديث عن انتخابات مبكرة، رغم أنه سبق وأن عاتب رفاقه في الحكومة على التطرق لهذا الموضوع.
وتساءل الأزمي: “كيف لحكومة تعاني من فشل سياسي، واقتصادي، واجتماعي أن تبدأ حملتها الانتخابية الآن بدل التركيز على إيجاد حلول حقيقية لمشاكل المواطنين؟”
وأكد المتحدث ذاته، أن هناك سببين رئيسيين لهذا التوجه نحو حملة انتخابية مبكرة؛ الأول هو أن حزب العدالة والتنمية بدأ يستعيد موقعًا واضحًا في المعارضة، مما دفع الحكومة إلى محاولة خلق تقاطب سياسي جديد بين حزب التجمع الوطني للأحرار وأحزاب أخرى، لإبعاد الأنظار عنه.
أما السبب الثاني، والذي وصفه بـ”الأخطر”، فهو سعي الحكومة إلى التغطية على الواقع الصعب الذي يعيشه المواطنون، عبر الحديث عن المستقبل والمونديال بدل معالجة الأزمات اليومية.
وأضاف أن المغاربة فخورون باستضافة المونديال، لكن رئيس الحكومة ليس مدربًا ولا لاعب كرة قدم، بل هو مسؤول عن تدبير شؤون البلاد، وعليه أن يركز على مشاكل المواطنين “بدل بيعهم الأحلام المستقبلية”، لافتا إلى “أن هذا العجز الواضح هو ما يدفع الحكومة لاختراع شعارات فارغة”، بحيث أنها “بعدما فشلت في تحقيق وعودها بتشكيل حكومة الكفاءات، انتقلت إلى شعار بناء مغرب المستقبل، ثم إلى المغرب المونديالي، دون أن توضح يومًا كيف ستصل إلى هذا المستقبل الموعود”.
“تجاهل القضايا الأساسية”
وأكد رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن دور المعارضة هو محاسبتها، لأن غياب معارضة قوية يشكل خطرًا على استقرار البلاد ومستقبلها الديمقراطي، معتبرا أن رئيس الحكومة اليوم “قتل السياسة وحوّل التواصل السياسي إلى مهزلة”، مشيرًا في نفس السياق إلى أن البرلمان فقد قيمته الرقابية، بحيث لا يحضر رئيس الحكومة “إلا للإجابة على أسئلة يتم انتقاؤها بعناية مسبقًا”.
وأضاف أن رئيس الحكومة مطالب بالمثول أمام البرلمان للإجابة عن القضايا الحقيقية التي تهم المواطنين، متسائلًا: “ماذا عن 8.5 مليون مغربي خارج التغطية الصحية؟ ماذا عن التراجع الذي يسجله المغرب في تصنيفات التعليم؟ ماذا عن الوضع الاقتصادي الحقيقي؟”، مبرزا بالمقابل، أن رئيس الحكومة يفضل التحدث عن نجاحات جزئية في السياحة والاستثمار، “متجاهلًا الأزمات اليومية التي يعاني منها المغاربة”.
وعلى صعيد آخر، انتقد الأزمي ما وصفه بتحويل البرلمان إلى “مسرحية”، بحيث “يتم الاتفاق مسبقًا على طبيعة الأسئلة المطروحة، بينما يتم إقصاء القضايا التي قد تحرج الحكومة”، موضحا أن “رئيس مجلس النواب أصبح يمنع نواب المعارضة من طرح الأسئلة الجوهرية، وكأن البرلمان لم يعد له دور رقابي حقيقي”.
وأكد أن الوضع الحالي يبعث على القلق، إذ أصبح يُطلب من الجميع الاستماع إلى ما يقوله رئيس الحكومة دون أن يكون هناك مجال للنقاش أو المحاسبة، معتبرًا أن هذه الممارسات تتنافى مع المبادئ الديمقراطية.
وخلص المتحدث إلى أن الديمقراطية الحقيقية تقتضي أن يكون رئيس الحكومة حاضرًا في البرلمان، يستمع إلى نواب الأمة، ويجيب عن تساؤلاتهم “دون تهرب أو انتقائية”.