story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

غزة.. جمرة الكرامة

ص ص

بعد 15 شهرا من العدوان على غزة، وضعت الحرب أوزارها بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.

طيلة 466 يوما، شاهد العالم حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي، قضت على حياة نحو 50 ألف شخص، أي نحو 7 في المائة، وما يزيد على 105 ألف جريح ومعطوب بما يعادل أزيد من 25 في المائة على الأقل من ساكنة قطاع غزة، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.

كانت حربا مدمرة ووحشية، كما وصفت ذلك تقارير حقوقية دولية، استهدفت القضاء على مقومات الوجود البشري والمادي الفلسطيني، بما في ذلك استخدام التجويع ومنع المياه كسلاح حرب، ناهيك عن ضغوط مكثفة من أجل تهجير السكان سواء داخل غزة أو خارجها.

تبدو النتائج الإنسانية للعدوان مدمرة، وقد تكون آثارها بعيدة المدى على الوعي المقاوم لدى الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو خارجها. كما تبدو تداعيات هجمات 7 أكتوبر، كذلك، هيكلية على التوازنات الجيوسياسية في المنطقة.

وسواء تعلق الأمر بالنتائج أو التداعيات، من المؤكد أن كلاهما كان خارج حسابات من خططوا للهجوم على إسرائيل، والتي لم تكن تتعدى، على الأرجح، القيام بعملية محدودة لإعادة الوهج إلى القضية الفلسطينية، وإعاقة مسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ومنع أي تسوية إقليمية دون حل لقضية فلسطين.

لكن رد الفعل الإسرائيلي كان أكبر من المتوقع، إذ رد على تلك الهجمات باستعمال القوة المفرطة من أجل تصفية فصائل المقاومة في غزة، وتدمير مقومات الوجود البشري والمادي الفلسطيني في غزة، وجرّ أمريكا والغرب لمواجهة شاملة مع إيران وأذرعها المسلحة في المنطقة، وهي أهداف أعلن عنها نتنياهو منذ البداية تحت عنوان “تغيير خريطة الشرق الأوسط”.

غير أن النتائج السياسية للعدوان تبدو على خلاف ما خططت له إسرائيل كذلك، التي صارت كيانا “منبوذا” اليوم في العالم، تواجه تهم “الإبادة الجماعية” و”التطهير العرقي” من لدن المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، ومن منظمات حقوقية دولية ذات مصداقية مثل “هيومن رايتس ووتش”، وقبل ذلك من لدن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وهي تهم قد تكون لها تداعيات قاسية على مستقبل الكيان الصهيوني، خصوصا وسط الرأي العام الغربي، الذي استعاد تملكه للقضية الفلسطينية، مثلما استعادت هذه الأخيرة ألقها السياسي والإنساني في صفوف الطلاب والجامعات والنخب الأكاديمية حول العالم.

لقد أعادت هجمات 7 أكتوبر القضية الفلسطينية إلى مركز الأحداث الإقليمية والدولية، وإلى الأجندات السياسية لدول المنطقة، وبطأت من مسار التطبيع العربي مع إسرائيل، كما أكدت مرة أخرى قوة الإرادة والحق الفلسطيني.

لكن تلك المكاسب لم تكن بلا ثمن، فقد كانت جحيما لا يُطاق تلظى بها الشعب الفلسطيني، ربما بشكل لم يعهد مثيلا له منذ حدث النكبة في نهاية الأربعينيات، كما تدل على ذلك الكلفة المرتفعة للعدوان والمتمثلة في عدد القتلى والجرحى الذي يفوق 150 ألف إن لم يكن أكثر، وتدمير مدن القطاع بنسبة تزيد على 80 في المائة.

لن تبحث هذه الورقة في نتائج العدوان، والتي يلزمها مزيدا من الوقت لكي تتضح أكثر، لكن ستحاول تحليل موازين القوى كما أسفر عنها اتفاق وقف إطلاق النار، أخذا بعين الاعتبار مسار تطور الأحداث وفي ضوء المعطيات المتوفرة حوله حتى الآن، علما أن دخوله حيز التنفيذ سيكون يوم الأحد المقبل 19 يناير الجاري.

كما تحلل هذه الورقة التداعيات التي أسفرت عنها هذه الحرب، خصوصا على موازين القوى الإقليمية.
..
تتمة الورقة ضمن ملف خاص من مجلة “لسان المغرب