story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

“9 ملايين مغربي لا يزالون أميين”.. خبير يبرز مكامن الخلل في القضاء على الظاهرة

ص ص

كشفت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن تنفيذ الخطط الاستراتيجية وبرامج محاربة الأمية من طرف مختلف الفاعلين “لم يحقق بعد الأثر المتوخى منه للقضاء على هذه الآفة”، داعية إلى “التفكير في طرق مبتكرة تؤسس للمزيد من الفعالية والنجاعة”.

واعتبرت العدوي، خلال تقديمها عرضا عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم الفترة 2023 – 2024 أمام مجلسي البرلمان الأربعاء 15 يناير 2025، أن الحصيلة المنجزة في مجال محاربة الأمية “تبقى غير مرضية”، رغم تواتر مجموعة من الاستراتيجيات، والغلاف المالي الإجمالي الذي تمت تعبئته لفائدة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، خلال الفترة 2015-2023، والذي ناهز ثلاثة ملايير درهم.

وفي هذا السياق، أشار الخبير التربوي ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، عبد الناصر الناجي، إلى أن التحديات في مجال محاربة الأمية عديدة ولا يمكن التغلب عليها إلا بالتحليل العميق لظاهرة العودة إلى الأمية التي تجد تفسيرها في عاملين اثنين، مبرزا أن أولهما كون الشهادات التي يتحصل عليها المستفيدون من هذه البرامج تبقى رمزية، وبالتالي فهي لا تمكّنهم من الالتحاق بمستويات أعلى من التكوين، بما يضمن الحفاظ على مهاراتهم في القراءة والكتابة والحساب وتطويرها.

وأضاف الناجي في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن العامل الثاني هو افتقار برامج محو الأمية لسياسات واضحة لتشغيل هؤلاء المستفيدين عقب فترات التكوين، في مهن تتطلّب تطبيق هذه المهارات، خاصة أن الجزء الغالب من هؤلاء إما عاطل أو يشتغل في مهن لا تتطلّب مهارات القراءة والكتابة والحساب”.

وأبرز المتحدث ذاته، أن هناك تحديّا آخر يرتبط بضعف انخراط مقاولات القطاع الخاص في ورش محاربة الأميّة، “إذ مازال منطقها الربحي يلجمها عن تقديم التسهيلات الكافية للمئات من مستخدميها الأميين للاستفادة من دروس محو الأمية، سواء تلك التي تقدّم في المدارس أو من طرف الجمعيات أو داخل المساجد”.

وفي غضون ذلك، قال الخبير التربوي، إن المغرب بذل منذ فجر الاستقلال “جهودا كبيرة للقضاء على الأمية”، تكرّست في العقد الأخير بإنشاء إطار مؤسساتي هو الوكالة الوطنية لمحاربة الأميّة، ووضع مخططات إستراتيجية واضحة، سواء من قبل هذه الوكالة أو من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

واستدرك الناجي قائلا: “إلا أن هذه الجهود لم تفلح في الحد ّمن الأميّة بالقدر المطلوب، بحيث مازالت نسبة الأميين بالمغرب مرتفعة، إذ تقارب 30 في المائة من مجموع المواطنين”، مضيفا أنه وبغض النظر عن دقة هذا الرقم ومعيار الأمية الذي يتم اعتماده لاحتساب عدد الأميين، “إلا أنه يبقى كبيرا ومهددا بالارتفاع إذا لم نعالج الأسباب التي تغذيه خاصة على مستوى جودة التعلمات بالتعليم الإلزامي”.

وأوضح المتحدث ذاته، أن حوالي 80 في المائة من تلامذة السنة خامسة ابتدائي لا يستطيعون قراءة نص بسيط لا باللغة العربية ولا باللغة الفرنسية حسب تصريحات وزير التربية الوطنية، وأن 350 ألف طفل يغادرون المدرسة قبل إنهاء التعليم الإلزامي وهو ما يعني أن فئة كبيرة من المتمدرسين مرشحة للالتحاق بصفوف الأميين عاجلا أو آجلا.

وكشف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي برسم سنتي 2023-2024، أنه وبالبرغم من الجهود المبذولة لمحاربة الأمية، إلا أن أكثر من 9 ملايين شخص في المغرب، من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق، لا يزالون أميين، “ما يبين أن برامج محاربة الأمية لم تحقق الأثر المرجو في القضاء على هذه الظاهرة”.

وتبعا لذلك، ذكر التقرير أنه منذ إطلاق الاستراتيجيات الوطنية لمحاربة الأمية في المغرب، خاصة بعد 2004، جرت عدة محاولات لتطوير هذا القطاع، كان آخرها إصدار خطة عمل جديدة من طرف الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، غير أنه ورغم تخصيص غلاف مالي كبير بلغ حوالي 2.971 مليون درهم بين 2015 و2023، “إلا أن النتائج لم تواكب حجم التحديات القائمة”.

وأظهر التقرير أن معدل الأمية في المغرب لا يزال مرتفعًا، إذ تجاوزت نسبة الأمية 34.2% في سنة 2021، وقد كانت الأهداف التي وضعتها الاستراتيجيات السابقة قد شهدت تقليصًا ملحوظًا، مما أدى إلى تأخير في المواعيد المقررة للقضاء على الأمية بشكل شبه كامل.

ومن بين التحديات التي تعيق تحقيق الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لأهدافها، سلط التقرير الضوء على إشكالية عدم اعتمادها على البعد الترابي في استراتيجياتها، حيث أوضح أن هذه الاستراتيجيات لم تأخذ بعين الاعتبار تفاوت نسب الأمية بين مختلف الجهات المغربية، أو الخصوصيات الثقافية والاجتماعية التي تميز كل جهة.

كما أشار التقرير أيضًا إلى ضعف آليات التنفيذ والمتابعة للبرامج، حيث تسجل الوكالة أداءً ضعيفًا جدًا في مراقبة صرف الأموال، إذ بلغ متوسط الأداء المالي حوالي 29% من مجموع النفقات الملتزم بها بين 2015 و2022، مما أدى بحسب التقرير إلى تراكم ديون تجاوزت 584 مليون درهم في 2022.