لبنان تنتخب رئيسها الجديد.. حكاية بلد ظل بدون رئيس لمدة سنتين
انتخب البرلمان اللبناني اليوم، الخميس 9 يناير 2025، قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، منهياً فراغاً رئاسياً استمر لأكثر من عامين منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2022.
وخلال هذه الفترة عانى لبنان من عدة أحداث سياسية وأزمات كبيرة منها ما لن يجد الرئيس الجديد بداً من مواجهتها، من خلال استعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، وإعادة بناء الاقتصاد، وتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، وإدارة ملفات حساسة بينها العلاقات مع القوى الإقليمية والعدوان الإسرئيلي.
في 31 أكتوبر 2022، انتهت ولاية الرئيس ميشال عون، ليغادر القصر الرئاسي دون أن يتم انتخاب خلف له بسبب الفشل في التوافق بين القوى السياسية اللبنانية، وحدث ذلك في وقت بالغ الصعوبة على لبنان، الذي كان يواجه أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث.
ووقّع الرئيس عون قبل مغادرته مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، معتبراً أنها لم تعد قادرة على ممارسة صلاحياتها بفعالية في ظل الفراغ الرئاسي، وهو ما أثار جدلاً قانونياً وسياسياً واسعاً حول دستورية الخطوة ودورها في تعقيد الأزمة المؤسسية، خاصة أن حكومة ميقاتي كانت مكلفة بتصريف الأعمال منذ الانتخابات النيابية في ماي 2022 ولم تتمكن من تشكيل حكومة جديدة.
أزمة اقتصادية واحتجاجات
وفي يناير 2023، تجاوز سعر صرف الليرة اللبنانية عتبة 50,000 ليرة مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء، ليصل إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك نتيجة لتراكم الأزمات الاقتصادية والمالية والسياسية التي يعاني منها البلد، بما في ذلك الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكتوبر 2022، وهو ما فاقم حالة عدم الاستقرار في البلاد.
وفي الشهر ذاته، اندلعت احتجاجات شعبية في العاصمة بيروت ومدن أخرى، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاسبة المسؤولين عن الانهيار الاقتصادي، وكان من أشكالها اعتصام مودعين أمام مقر مصرف لبنان للمطالبة باسترداد أموالهم المحتجزة في المصارف التجارية.
اشتباكات طائفية
هذا وكانت حادثة انقلاب شاحنة أسلحة تابعة لحزب الله بمنطقة الكحالة ذات الغالبية المسيحية بجبل لبنان قد فاقمت، في غشت 2023، حالة التوتر السياسي والطائفي، بعدما أسفرت عن مقتل شخص من الحزب وآخر من الكحالة نتيجة تبادل إطلاق النار، ليتبعها في اليوم الموالي إطلاق عشوائي للرصاص بالهواء أثناء تشييع قتيل حزب الله، ما أدى إلى إصابة سيارة وزير الدفاع موريس سليم برصاصة.
وتُضاف هذه الأحداث إلى قائمة التوترات التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى خلال تلك الفترة، والتي أخذت منحى طائفياً وسياسياً، بالموازاة مع اشتباكات شهدها مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، ما ضاعف من القلق حينها ودفع سفارات أجنبية لتحذير رعاياها من الوضع الأمني في لبنان.
الحرب مع إسرائيل
في 8 أكتوبر 2023، دخل حزب الله اللبناني في معركة “طوفان الأقصى” التي انطلقت في غزة، حيث أطلق صواريخ موجهة وقذائف مدفعية على المواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا، بهدف دعم المقاومة الفلسطينية، وهو ما دفع إسرائيل إلى الرد عبر قصف الأراضي اللبنانية، مما أدى إلى تصعيد عسكري مستمر على طول الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وسرعان ما تطورت هذه الاشتباكات إلى سلسلة من الضربات والمناوشات اليومية بين الجانبين على الحدود، كانت محصورة في منطقة ضيقة تتراوح بين 5 و 10 كيلومترات على جانبي الحدود، وهي المنطقة التي عُرفت بـ “قواعد الاشتباك” طوال عدة أشهر.
في شتنبر 2024، شهدت المنطقة تصعيداً كبيراً، حيث بدأ الأمر بـ انفجار أجهزة النداء في لبنان، ما اعتُبر نقطة تحول في المعارك بين حزب الله وإسرائيل، والتي اعتبرت أكبر مواجهة بين الجانبين منذ حرب لبنان 2006، مع ما صاحبها من اغتيالات في صفوف قيادات الحزب والتي كان على رأسها الّأمين العام حسن نصر الله، إضافة إلى تداعيات إنسانية.
وفي 27 نونبر 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ، بهدف وقف مؤقت للصراع بين إسرائيل وحزب الله الذي بدأ في 8 أكتوبر 2023، والغزو الإسرائيلي للبنان عام 2024 والذي بدأ في 1 أكتوبر 2024، ومن المنتظر أن ينتهي وقف إطلاق النار، الذي مدته ستون يوماً فقط، بعد أسبوعين من اليوم ما يضع الرئيس الجديد جوزيف عون أمام اختبار في ملف حساس بأول شهر لولايته.