ألمانيا تعيد ملف الهجرة إلى دائرة التوافق مع المغرب
وقعت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيرزر إعلان نوايا مع المغرب، بعد لقاء ثلاثة وزراء في الراط، بهدف تعزيز التعاون بين برلين والرباط في القضايا الأمنية ومجال الهجرة على الخصوص، معيدة بذلك قضية الهجرة إلى دائرة التوافق بين البلدين، بعد سنوات من الخلاف حولها.
الهجرة النظامية مقابل استعادة المواطنين غير المرغوب فيهم
وحلت فيزر بداية هذا الأسبوع بالعاصمة الرباط على مدى يومين مرفقة بيواخيم شتامب مفوض الحكومة المختص بإبرام اتفاقات الهجرة، حيث وقعت مع نظيرها المغربي عبد الوافي لفتيت إعلان نوايا لتعزيز التعاون بهذا الخصوص.
وتهدف هذه الاتفاقات من وجهة نظر الحكومة الألمانية إلى تسهيل إصدار تأشيرات عمل والأشكال الأخرى من الهجرة النظامية، مقابل تحسين التعاون في عمليات إعادة الأشخاص الذين رفضت طلباء لجوئهم إلى ألمانيا، ويتمثل هذا التعاون في أمور من بينها إصدار وثائق أو الإقرار بها.
وحسب وزارة الداخلية الألمانية، يبلغ عدد المغاربة المقيمين في ألمانيا والملزمين بمغادرتها 3660 مغربيا، من بينهم 2762 شخصا يمكن للسلطات الألمانية التسامح مع استمرار وجودهم مؤقتا لأسباب مختلفة، فيما تسعى الحكومة الألمانية لترحيل الباقين وعددهم في الوقت الراهن 898 شخصا.
تفاؤل ألماني
زيارة وزيرة الداخلية الألمانية للرباط على مدى يومين، كانت محط تحليل عدد من الصحف الألمانية، لكونها أول زيارة لوزير ألماني يحمل ملف تقني، بعد تجاوز البلدين لأزمة دبلوماسية حادة.
حصيلة زيارة فيرزرز للرباط تراها ألمانيا إيجابية، لتمكنها من تحقيق تقارب في وجهات النظر بين البلدين في موضوع حساس مثل الهجرة، وهو موضوع كان محط أزمة بين البلدين قبل خمس سنوات.
وفي هذا السياق تقول فيرزر إن “الرحلة كانت ناجحة للغاية”، على الرغم من أن اتفاق ترحيل المغاربة من ألمانيا قد لا يتم تنفيذه في وقت قريب، ولا يزال أمام البلدين مسار طويل من المفاوضات ليرى هذا الاتفاق النور.
العمالة المدربة وغضب مغربي من استنزاف الأطباء
طالبت ألمانيا المغرب باستعادة مواطنيه المقيمين بطريقة غير قانونية على أراضيها والذين تم رفض طلبات لجوء تقدموا بها إلى برلين، وفي المقابل، قدمت عرضا لتنظيم هدرة المغاربة إلى ألمانيا، وذلك باستقطابها للعمالة المغربية المدربة، لتغطي بذلك عجزا تعانيه البلاد خلال السنوات الأخيرة.
في المقابل، لم يخفي المسؤولون المغاربة انزعاجهم من استنزاف ألمانيا للخبرة المغربية، وهو ما عكسه تصريح لوزير التشغيل يونس السكوري بعد استقباله للوزيرة الألمانية، حيث أكد بشدة خلال حديثه مع الوزيرة الألمانية، على أن المغرب بحاجة ماسة للأطباء والمهندسين في بلدهم ولا ينبغي أن يهاجروا إلى ألمانيا.
أزمة الهجرة بين المغرب وألمانيا
مثلت الهجرة قضية خلافية بين المغرب وألمانيا في أكتوبر من سنة 2018، عندما أبرمت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل اتفاقا مع شركائها في الاتحاد الأوربي يعتمد على استضافة دول أخرى للمهاجرين الذين ترفضهم ألمانيا إلى حين النظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم، اقترحت أن يشيد المغرب مخيمات لاحتجاز المهاجرين إلى أن يتم السماح لهم بدخول أوروبا.
العرض الألماني رفضه المغرب بشدة، وقال ناصر بوريطة إن المغرب غير مستعد لتقديم أي جزء من أراضيه كمنطقة احتجاز للمهاجرين للإقامة فيها، أثناء عملية التقييم لمعرفة ما إذا كان سيتم السماح لهم بدخول أوربا.
وأوضح بوريطة في تفاعله مع العرض الألماني إن “المغرب بوجه عام ضد كل أشكال المراكز، وهذا جزء أساسي من سياستنا للهجرة، وموقف سيادي وطني”، مضيفا أن هذه المراكز تأتي بنتائج عكسية.
المغرب آنذاك كان قد رفض العروض المالية الأوروبية للعب دور الدركي لإيقاف تدفق المهاجرين على أوربا، وقال بوريطة إن “العروض المالية لن تغير رأيه”، معتبرا أنه “من السهل للغاية القول ببساطة إن هذه فرصة للمغرب”.