مدونة الأسرة.. جامعي يرى أن الأسرة تحولت من مؤسسة مبنية على التسامح إلى “شركة”
يرى أحمد كافي أستاذ الدراسات الإسلامية أن الأسرة المغربية تتحول وفق مقترحات تعديل المدونة “من مؤسسة مبنية على التسامح والفضل والمكارم إلى شركة”، داعياً إلى مشاركة الرأي العام جميع تفاصيل تعديلات مدونة الأسرة.
وقال الأستاذ الجامعي في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك: “نريد أن نحاط علماً بجميع ما تمت المطالبة بعرضه حتى نبدي الرأي الذي نتقصد منه تجويد قانون مدونة الأسرة المغربية”.
وتساءل كافي بشأن “المقترحات التي تنسجم مع جمهور المغاربة الذين يعتقدون حرمة الزنا؟”، لأن وزير الأوقاف حسب تعبير المتحدث “ذكر أموراً هي التي بين أيدي الناس، بينما ذكر وزير العدل أموراً أخرى لم يذكرها الأول، والتي منها: منع التعدد إلا في حالة عقم الزوجة…وهذا توجه يتوافق مع نظرية القائلين بالحريات الفردية(الزنا)، مشيراً إلى أن هذا “توجه يتوافق مع نظرية القائلين بالحريات الفردية”.
ولفت أستاذ الدراسات الإسلامية الانتباه إلى أن “ما عُرِض إنما هي اقتراحات لمزيد من إبداء الرأي تجويداً لها أو استبدالاً أو تركاً”، موضحاً أن بلاغ الديوان الملكي “دعا إلى مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البناء في موضوع الأسرة، ووجوب التواصل مع الرأي العام وإحاطته علماً بمستجدات هذه المراجعة”.
ويرى المتحدث أن التعديلات الجديدة من شأنها تحويل مؤسسة الأسرة “من مؤسسة مبنية على التسامح والفضل والمكارم، إلى شركة يتقاضى العامل فيها (الزوجة فقط) أجرة على خدمتها المنزلية”، مشيراً إلى أن مقترح تثمين العمل المنزلي “تولت أمره منذ مدة هيئات وشخصيات لا علم لها بالشريعة الإسلامية وأحكام الأسرة، ولم تقدم أي دراسة أو بحث علمي يقنع المغاربة بتحويل معالم الأسرة المغربية وهويتها”.
وذكر أن تثمين العمل المنزلي “كارثة ستحل بالأسرة المغربية”، مضيفاً أن “كثيراً من قناعات بعض الناس ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها من قبله العذاب والأوجاع، إذ أنهم لن يستشعروا ضررها إلا عندما يقع الفأس على الرؤوس كما يقولون”، حسب تعبيره.
وشدد على أن تثمين العمل المنزلي “يستوجب الجواب عن مال الزوجة، ما حق الزوج فيه عند الطلاق أو الوفاة زائداً عن منابه الشرعي المحدد في كتاب الإرث؟”، متسائلاً “إن كان الظاهر أن لا شيء له فيه إلا نصيبه في الإرث فهل له نصيب في مال زوجته عند الطلاق أم لا؟”.
واستنكر أحمد كافي الحديث بـ”لغة المال في الزواج”، قائلاً “لا يصدعن أحد رأسنا بالحديث عن الأسرة ومقاصد الزواج، لأنه قد تم القضاء عليها باعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة”، واستدرك قائلاً “إما نتحدث عن قيم الأسرة، أو ندع ذلك جانباً للحديث عن المال ونصيب كل واحد فيه”.
وأشار كافي إلى أن “تثمين العمل المنزلي يعرض المواد التي تنص على استقلال الذمة المالية للزوجين للحذف والتغيير”، إذ يلزم تغيير ذلك حسب تعبيره “بالتنصيص على استقلال الذمة المالية للزوجة فقط، ما دام الزوج لم تصبح ذمته المالية مستقلة عن الزوجة”، موضحاً أنه “لا يبقى للحديث عن هذه الاستقلالية بالنسبة للزوج معنى في ضوء التسلط عليها بعلة الزواج”.
أما بالنسبة إلى المساعدين المنزليين، فذكر المتحدث أنه “إذا كان الزوج سيوضع قهراً أمام الإلزام القانوني بدفع ثمن العمل المنزلي، أو هو في ذمته إلى أن يقع التخلص من هذه الشركة (الزواج) بطلاق أو وفاة، فهذا سيدفع الكثيرين إلى تسريح العمال المنزليين، لأنه من غير المعقول أن يدفع أجرتين عن عمل منزلي واحد”.
وقال: “إذا كانت الدولة لها شبكة الرواتب والأجور معلومة عن مجموعة من الأعمال والخدمات حتى المنزلية منها، فإن على القانون أن لا يرمي بالناس للمجهول”، مشيراً إلى أنه “يجب في حقه أن يحدد بوضوح هذا الثمن، وأن لا يترك لتقديرات القضاة”، متسائلاً “هل قانون العامل المنزلي هو الذي سيطبق على الزوج لصالح زوجته أم لا؟”.
وأوضح: “أن هذه أجرة وكلفة مالية، فمن حق دافعها أن يعرفها ابتداء، حـتى يقرر وهو في كامل قواه العقلية، أيدخل في مؤسسة الزواج وينشئ أسرة وهو عالم بما سيكون عليه حاله في مستقبل الأيام، أو يتراجع لعدم اقتناعه بالإلزام”، لافتاً إلى أن “تحديد هذه الأجرة هو دفع للغرر (التدليس) عن الأزواج، وتجنيب القضاء التفاوت في التقدير بناء على مزاجهم”.
وذكر الأستاذ الجامعي أنه “إذا أراد المشرع أن يقرر للزوجة ثمناً على العمل المنزلي، فعليه أن يحذف وجوب النفقة على الزوج”، مبرراً ذلك بأن الوضع سيتحول إلى “ثنيا في الالتزامات المالية”، في إشارة إلى “الازدواج الذي لا تقبله قوانين الكون”.
أما بشأن عمل الزوجة التي اعتبرها “غائبة عن البيت من الصباح إلى المساء، وهي عاملة في مكان آخر وليست عاملة بالبيت”، فتساءل قائلاً “ما هو هذا العمل الذي يستوجب ثمناً، وتواجدها في البيت لا يتعدى الساعة والساعتين، ثم تسلم نفسها للنوم حتى تجهز نفسها لمغادرته في اليوم الموالي”، وأضاف “هل هذا الوضع الذي تعيشه المرأة العاملة يستوجب منا الاعتراف لها بحق غير موجود أصلاً؟”.
وتابع “هل من المعقول أن نساوي بين الزوجة الغائبة عن البيت لا تأوي إليه إلا للنوم، والزوجة التي لا عمل لها إلا بيتها وهو من أفضل القربات؟”
هذا وخلص أحمد كافي إلى أنه “لا علاقة للكد والسعاية التي قال بها فقهاء المغرب وقضاته بالعمل المنزلي”، موضحاً أن الفتاوى “صريحة في الكد والسعي ظاهره لا باطنه (الخدمة المنزلية)، أي الذي تمارسه المرأة خارج البيت، أو ما هو من الأعمال التي هي معدودة في العمل الخاص بالنساء”.