ناشطون أمازيغيون يثمنون ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية
ثمن ناشطون أمازيغيون، توجه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بشكل رسمي نحو ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية، واصفين إياها “بالخطوة الجادة، التي أتت متأخرة قليلا بالنظر لتاريخ إقرار الدستور الحالي سنة 2011”.
وتعليقا على الموضوع، وصف عبد الله بوشطارت، عضو مجموعة البديل الأمازيغي، خطوة إدماج الأمازيغية في قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية بأنها “جادة ومهمة” لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، داعيا إلى “تعميم استخدامها في برامج الوزارة وتكوين الأئمة والمرشدين بالمساجد داخل المغرب وخارجه، لتسهيل التواصل مع المواطنين والجالية المغربية”.
وأوضح بوشطارت في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أنها خطوة جادة ومهمة في إطار تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية داخل قطاع عمومي حيوي ومهم، كقطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية، مبرزا أنها “ستساهم كثيرا في إدماج فعلي للأمازيغية في مؤسسات الدولة لاسيما قطاع الشؤون الدينية الذي كنا ننتظر إجراءات تفعيل اللغة الأمازيغية داخله لمدة طويلة”.
واعتبر المتحدث ذاته، أن ترجمة معاني القرآن هي عملية مهمة بالنسبة للغة والثقافة الأمازيغيتين مستدلا بأن “المؤرخ والباحث الحسين جهادي الباعمراني سبق وأن أصدر ترجمة معاني القرآن سنة 2003 وبدل فيها عملا جبارا ومجهودا كبيرا، استغرق فيها ما يناهز 12 سنة من البحث والتنقيب والعمل والترجمة.”
وطالب الناشط الأمازيغي وزارة الأوقاف بالعمل على تنزيل مضامين الدستور في فصله الخامس ومواد القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي الأمازيغية، في البرامج وكل مرافق الوزارة من خلال تكوين المرشدين والأئمة سواء الذين يشتغلون بالمساجد داخل المملكة أو الذين يتم بعثهم إلى البلدان الخارجية حيث يقطن أفراد الجالية المغربية، وذلك من أجل إلقاء الخطب والدروس الدينية باللغة الأمازيغية.
ونادى بوشطارت “بالاجتهاد في المذهب المالكي لكي يتم إلقاء خطب صلاة الجمعة والأعياد باللغة الأمازيغية عوض اللغة العربية”، لتسيير فهم الناس والمصلين لمضامينها، مضيفا “وأيضاً حماية اللغة الأمازيغية والحفاظ عليها وإدماجها في المؤسسات لاسيما في القطاعات الحيوية من بينها قطاع الأوقاف”.
وشدد المتحدث ذاته على أن إدماج الأمازيغية في هذا القطاع يمنح للمغرب إمكانية الحفاظ على خصوصياته الدينية والثقافية، مشيرا إلى أن “المجتمع المغربي كيّف الإسلام مع الثقافة والقيم والأعراف الأمازيغية وأنتج نموذجا منفردا وفريدا في أشكال التدين التي نسميها بالإسلام الأمازيغي الذي يتميز بالوسطية والاعتدال والاجتهاد”.
من جانبه قال عماد المنياري رئيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، إنهم ” في الجمعية يعتبرون أن مبادرة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لترجمة معاني القرآن خطوة إيجابية حتى نتوفر في المغرب على ترجمة رسمية للقرآن الكريم”،
وقال الناشط الأمازيغي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إن مبادرة وزارة الأوقاف “ولو أنها تأخرت، إذا أخذنا بالاعتبار تاريخ دخول الدستور الجاري به العمل حاليا حيز النفاذ وكذا القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية، لكن رغم ذلك لا يمكن إلا أن نشجعها”، مضيفا “وننتظر من الوزارة المبادرة إلى تشجيع الأئمة على بث خطب الجمعة بالأمازيغية على غرار ما كان معمولا به في تاريخ المغرب”.
وأشار المنياري إلى أن “العلامة الحسين الجهادي، العضو القيادي في الجمعية، سبق أن أصدر أعمالًا مهمة بالأمازيغية، شملت ترجمة معاني القرآن الكريم، وكتبًا حول السيرة النبوية وصحيح البخاري، وترجمة للحديث القدسي”، مؤكدا أن هذه التجارب الفردية يمكن أن تكون مصدر إلهام لوزارة الأوقاف.
“فهم أعمق للمعاني”
وكشفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أنها تعمل حاليا على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية، في خطوة تهدف إلى تمكين الناطقين بالأمازيغية من فهم أعمق لمعاني النصوص القرآنية.
وتأتي هذه الخطوة، وفق جواب كتابي لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، حول حصيلة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على مستوى الوزارة في سياق الجهود التي تبذلها الوزارة لتثمين الموروث الثقافي والحضاري المشترك بين المغاربة، وتعزيز الوعي الديني بمختلف مكونات الهوية الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح التوفيق أن الوزارة تعمل على دراسة إمكانية تخصيص حصص لتأهيل أئمة المساجد في إطار خطة ميثاق العلماء باللغة الأمازيغية. ويُنتظر أن يشرف علماء متخصصون ناطقون بالأمازيغية على هذه الحصص، بالتنسيق مع الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى.
وفي إطار جهودها لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في مختلف مجالات الحياة العامة، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أنها تسعى إلى إدراج اللغة الأمازيغية ضمن المواد الدراسية في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، وكذلك في التعليم الابتدائي العتيق.
ولفت التوفيق إلى أن، جهود الوزارة لم تتوقف على هذه الإجراءات، بل امتدت إلى دمج اللغة الأمازيغية في مختلف خدماتها، من خلال إعداد مواد توجيهية وإرشادية موجهة للحجاج الناطقين بالأمازيغية، وتنظيم لقاءات توعوية لفائدة القيمين الدينيين. واستفاد من هذه البرامج 2157 قيما دينيا عبر 44 مركزا.
وشدد المتحدث على أن هذه المبادرات تأتي ضمن مخطط حكومي شامل لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وذلك وفق مقتضيات القانون التنظيمي رقم 26.16. كما قامت الوزارة بتنسيق جهودها مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لتكوين الأطر القانونية والإدارية الملمة بالأمازيغية، وإدماج اللغة في اللوحات الإرشادية بالمقرات التابعة لها.
وأكد التوفيق عزم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مواصلة العمل على توفير الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق إدماج فعلي ومستدام للأمازيغية، بما يتماشى مع الدستور المغربي الذي يعترف بالأمازيغية كمكون أساسي من الهوية الوطنية.