المدير الرياضي!
سيكون من المفيد في إطار هذا النقاش الدائم حول احتراف كرة القدم والبطولة والأندية الوطنية، ومشاكل التعاقدات وصداع الرأس الذي لا ينتهي حول إقالة المدربين، و”ليتيج” وما يتبعه من إدراج في لائحة الممنوعين من طرف الفيفا، أن نذهب رأسا، وبدون كثير من التيه في التفاصيل الصغيرة، إلى مشكل بنيوي في كرتنا الوطنية والذي يسبب كل هذا الجدل اليومي، ألا وهو غياب منصب المدير الرياضي في النادي أو وجوده بشكل شكلي.
كيف ستتطور كرتنا ومعظم أنديتنا الوطنية التي تعتبر محترفة وتشتغل وفق قانون الشركة الرياضية، وتلعب في بطولة يقال عنها احترافية، فيما هي لا تتوفر على مدير رياضي، أو تتوفر فقط على شخص يسمونه مديرا رياضيا، فيما هو لا علاقة له بهذه المهمة كما هي متعارف عليها حتى في الدرجات السفلى لأقسام المحترفين في البلدان المتقدمة كرويا ؟
منصب المدير الرياضي هو تخصص قائم بذاته، وهو أيضا من “خشيبات” الإحتراف، ويعتبر الخطوة الأولى لتجاوز الممارسة الهاوية، وفصل كل ما هو إداري ومالي عما هو تقني في الأندية التي تسعى لتطوير نفسها بالعمل المنظم والمخططات المعقلنة والإستراتيجيات المدروسة.. ووجوده في ناد ما أصبح هو الدليل الأول على أننا نتحدث عن مؤسسة كروية حقيقية، وليس عن أحد فِرق “راس الدرب” حيث الرئيس ومساعدوه يقومون بكل شيء ابتداءً من “الصينية” إلى البحث عن المدرب واللاعبين.
فأول قرار يجب أن يقوم به أي رئيس تولى تسيير النادي، هو تعيين مدير رياضي بعدما يتفق معه على مشروع النادي وتحديد فلسفة وجوده، والأهداف التي يرغب المسيرون في الوصول إليها، والسقف المالي الذي يمكن التحرك في إطاره.. ثم يذهب الإداريون لمهامهم الإقتصادية والمالية والتسويقية، ويتركون للمدير الرياضي المجال ليقوم بعمله التقني في “كاستينغ” اختيار المدربين واللاعبين وفق “بروفايل” دقيق، وتحديد الخصاص في المراكز، والتفاوض في التعاقدات مع باقي الأندية.. على أساس أن يخضع هو أيضا للمحاسبة في نهاية عقده على الأهداف المتفق عليها سلفا، بغرض التجديد له او الإستغناء عنه.
وباستثناء ناديين أو ثلاثة في المغرب التي تتوفر فيها شروط التنظيم الإحترافي الحقيقي وقاعدة “كل واحد يديها فشغالاتو”، فالباقي من أنديتنا الوطنية وما تعيشه من “تخربيق”، وارتجالية في قرارات “الݣانة”، ومن فسح المجال لتغلغل السماسرة في التدبير التقني، وفي تعيين المدربين وإقالتهم، ومن خوف مفرط من ضغط الجمهور، ومن التماهي مع مطالبه العاطفية، ومن هذه “الخالوطة” التسييرية الهاوية التي لا تفهم منها شيئا.. لا يمكن أن ينتج إلا هذه الرداءة التقنية وذلك التلوث البصري الذي نشاهده في مباريات بطولتنا الوطنية “الإحترافية” كل أسبوع.