story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

استقالة أخنوش واجبةٌ أخلاقيا وسياسياًّ

ص ص

نزار خيرون

أعلن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الإثنين، خلال حلوله بالجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بمجلس النواب، حصول إحدى الشركات المملوكة له على صفقة مشروع تحلية مياه البحر في الدار البيضاء، وهو الأمر الذي أعلنته المعارضة منذ ما يزيد عن سنة ونيف، وكان يتهمها آنذاك بتغليط الرأي العام والكذب على المواطن أحايين كثيرة، ويهربُ إلى الأمام ويتملص من الجواب في بعض الأحيان.

طبعاً تأكيدُ أخنوش بعظمة لسانه على استفادة إحدى شركاته من صفقة مشروع تحلية مياه البحر يجعلناَ أمام اعتراف بيّن وواضح لا يحتاج إلى دليل، فالاعتراف سيد الأدلة كما يقول فقهاء القانون، وهذه الاستفادة تضعه ليس فقط في شُبهة بل في صُلب تضارب صارخ للمصالح، وهذا لوحده سببٌ كافي حتى يُقدِّمَ أخنوش استقالته من رئاسته للحكومة ومن تدبير شؤون المغاربة، طبعاً إن كان يؤمن بحق المغاربة عليه وبالديمقراطية الحَقّة، كما يقول عن نفسه، وهذا أقل ما يفعله من يمتلك ذرة إيمان بالديمقراطية، كما نشاهد في بعض الدول.

ولن نذهب بعيداً ففي دولة مثل تونس، التي صُنِّفَت إلى جانب المغرب ضمن الدول الهجينة ديمقراطياًّ حسب مؤشّر الديمقراطية لسنة 2023، قدّم رئيس حكومتها سنة 2020، إلياس الفخفاخ، استقالته بعد خمسة أشهر من توليه المسؤولية، وذلك بسبب شبهات تضارب المصالح، وقبْله في سنة 2017 قدّم وزير المالية التونسي، فاضل عبد الكافي، استقالته بسبب قضية تضارب مصالح، أما إذا توجّهنا نحو الدول الأوروبية فنجد مثلاً في نيوزيلندا سنة 2023 قام رئيس الوزراء النيوزيلندي، كريس هيبكنز، بإقالة وزير النقل والعمل، مايكل وود، من منصبه بسبب تضارب المصالح، حيث امتلك وود لأسهم في شركات تقع في مجال مسؤولياته الوظيفية.

وليس هذا فحسب، بل لا يستقيل الوزراء ورؤساء الحكومات في الدول الأخرى فقط بسبب شُبهات تضارب المصالح، بل حتى إذا قاموا بتعيينات لأقرباء وأصدقاء أو قدموا لهم تسهيلات في مجالات تقع تحت مسؤوليتهم وهو الأمر الذي لا تخلو منه حكومة عزيز أخنوش بل غارقة فيه منذ الأسبوع الأول من تحملها المسؤولية، وعلى سبيل المثال نجد في إيطاليا قبل أسابيع أي خلال شهر شتنبر المنصرم قدّم وزير الثقافة الإيطالي، جينارو سانجوليانو، استقالته بسبب تعيينه لصديقته ماريا روزاريا بوكيا، وهي رائدة أعمال في مجال الأزياء، مستشارة له للأحداث الكبرى، بعد أن تقدم أنجيلو بونيلي، زعيم حزب أوروبا الخضراء المعارض، بشكوى إلى الشرطة وحثها على التحقيق مع الوزير بشأن احتمال إساءة استخدام الأموال العامة والكشف عن معلومات سرية، وفي بريطانيا سنة 2019، أعلن جو جونسون، الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، استقالته من منصبه الوزاري الذي كان يشغله كوزير دولة في وزارة التجارة وتخليه عن مقعده الانتخابي مرجعا الأمر إلى ” التعارض بين الولاء الأسري والمصالح الوطنية”، هذه فقط أمثلة للمسؤولين الذين يحترمون أنفسهم والشعوب التي يمثلونها في مسؤولياتهم.

أما في حكومة أخنوش فهناك تعيينات بالجملة للمقرَّبين حتى صارت الحكومة وكأنها تتشكل من أربع مكونات عوض الثلاثة التي وقعت على اتفاق الأغلبية وتعاقدت حول البرنامج الحكومي، فهناك مكون جديد ظهر جلياًّ خلال التَّعديل الحكومي الأخير وهو ’’الهولدينغ العائلي’’ أو ما سمي إعلاميا بـ ’’الهولدينغ الحكومي’’ وذلك في أعقاب تعيين عدد من مستخدمي أخنوش ومعاونيه وزوجته في أكوا وأكسال في مناصب وزراء ومدراء مركزيين ومدراء مؤسسات عمومية، كما أن هناك حالات لتضارب جليٍّ وصارخٍ للمصالح ومع ذلك فإن رئيس الحكومة يأتي أمام نواب الأمة ويتفاخر ويُدافع على شركته نيلها صفقة لتحلية مياه البحر، وهذا ليس غريباً على أخنوش فهو لطالما لم يُؤْمن بأنه مساءل من قبل شعب وله حقوق وعليه واجبات اتجاهه بل ويعتبر نفسه دائماً أنه فوق المساءلة حيث إنه يُؤمن بنفسه وفقط ويُؤَمِّن مصالح عائلته ومجموعاته التجارية، ومن يعترض فليشرب ماء البحر أليس هو من يعمل على تحليته؟، وإلا فالواجب الأخلاقي والقانوني والسياسي يقتضي منه أمام حالة تضارب المصالح الصارخة هذه تقديم استقالته من تدبير الشأن العام.