الجامعي ينتقد موقف العدالة والتنمية: “الإعدام ليس حلاً ويهدد كرامة الإنسان”
دعا النقيب ورئيس المرصد المغربي للسجون عبد الرحيم الجامعي، حزب العدالة والتنمية إلى ضرورة مراجعة موقفه من تصويت المغرب على قرار إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، والذي تم عرضه يوم أمس الثلاثاء 17 دجنبر 2024 على المنصة الأممية بنيويورك، مشددا على أنه “موقف يحرض على انتهاك الدستور ومبادئ حقوق الانسان، والحق في الحياة”.
وفي هذا الصدد، قال الجامعي في رسالة أرسلها إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن موقف حزبه من قرار المغرب التصويت على قرار الأمم المتحدة بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام يعكس “فهمًا ضيقًا وغير علمي لقضية الإعدام في المغرب”، داعيا إياه إلى ضرورة فصل السياسي عن الديني.
كما أشار الجامعي إلى أن الحزب بموقفه هذا، “يقلل من أهمية القرار ويستخف بالذكاء السياسي والقانوني في المغرب”، مشيرا إلى أن هذا الأخير حقق مكاسب حقوقية كبيرة في السنوات الأخيرة”.
حيث اعتبر في هذا الصدد أن “هذا الرأي بعيد عن الحقيقة”، وأن الدراسات العلمية تؤكد أن الإعدام لا يحد من الجريمة، بل إن دولًا تنفذ العقوبة بشكل متكرر مثل السعودية وإيران، غير أنها “لم تشهد انخفاضًا في معدلات الجريمة”، على حد تعبيره.
وردا على قول الحزب في بلاغه أن قرار المغرب بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، “لا يعدو أن يكون سوى تحصيل حاصل لوضع قائم اختاره المغرب منذ سنة 1993، ولا يمكن اعتماده كخطوة نحو إلغاء عقوبة الإعدام”، قال الجامعي إن عدم تنفيذ المغرب للإعدام ليس مرده المنع القانوني بل هو قرار سياسي، مبرزا أن القانون المغربي يسمح بتنفيذ الإعدام، وقد يكون هذا الموقف قابلًا للتغيير في أي وقت إذا قررت الحكومة التنفيذ.
وفي نفس السياق، ذكر رئيس مرصد السجون أن “موقف حزب المصباح يتناقض مع ما حققته العديد من الدول التي ألغت عقوبة الإعدام”، مشيرا إلى وجود العديد من الدول الإسلامية الأخرى التي ألغت بدورها هذه العقوبة، ما يعكس بحسبه تحولًا في الفكر القانوني في العالم.
وفيما يتعلق بموقف الحزب من القصاص، والذي أشار إليه في بلاغه الأخير حول عقوبة الإعدام، انتقد الجامعي الدعوة إلى القصاص كحل للجريمة، حيث قال إن “القصاص يمثل توجهًا شعبويًا يشجع على الانتقام بدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية للجريمة في المجتمع”.
كما أكد المتحدث ذاته أن “الدعوة إلى القصاص تتجاهل الواقع القانوني المغربي، الذي يعتمد على القانون الوضعي وليس على الشريعة الإسلامية”، موضحا في هذا الصدد أن المغرب لا يعتمد على الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع الجنائي.
ومن جهة أخرى، أشار الجامعي إلى أن “الدفاع عن عقوبة الإعدام يعزز من سياسة التشدد في النظام الجنائي، وهو ما فشل في تقليل الجريمة، “في حين أن ما يحتاج إليه المغرب الآن هو القيام بإصلاحات في السياسات الجنائية تركز على الإصلاح والتهذيب بدلاً من العقوبات القاسية”.
وخلص الجامعي في رسالته إلى ضرورة أن “يتبنى حزب العدالة والتنمية موقفًا يتماشى مع القيم العالمية لحقوق الإنسان، مشددا على ضرورة أن يظل المغرب في طليعة الدول التي تحترم حياة الإنسان وكرامته”.
وكان حزب العدالة والتنمية قد أصدر بلاغا في 11 من دجنبر 2024، بخصوص قرار الحكومة عن اعتزامها التصويت لأول مرة لصالح قرار الأمم المتحدة العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام خلال الجمع العام للأمم المتحدة، والذي أعلن عنه وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية أمام مجلس النواب، يوم الإثنين 09 دجنبر 2024.
حيث ذكر البلاغ أن “اعتزام تفاعل المغرب مع مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، لا يعدو أن يكون سوى تحصيل حاصل لوضع قائم اختاره المغرب منذ سنة 1993، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وقطعا تفسيره أو اعتماده كخطوة نحو إلغاء عقوبة الإعدام”.
وأكد حزب “المصباح” على موقفه “المبدئي والثابت” من عقوبة الإعدام، في الجرائم الأشد خطورة والمتعلقة بالقتل العمد والاعتداء على الحق في الحياة، والتي تمكن من القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم، لما يحققه من شعور بالإنصاف للمجتمع ولذوي حقوق ضحايا الجرائم الأشد خطورة، التي تهز الرأي العام وتصدم الشعور الجماعي، وهو ما تسهم هذه العقوبة في تهدئة روعه، فضلا عن الوظيفة الردعية التي تحققها.
واعتبر الحزب في نفس البلاغ، أن المسار التراكمي لتعامل المغرب مع عقوبة الإعدام والذي تكرس سنة 2013، بالمصادقة على القانون رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري، الذي خفَّضَ حالات الحكم بالإعدام إلى خمس حالات بدل ستة عشر حالة، هو مسار راشد يعبر عن نضج المغرب في تعاطيه مع هذا الموضوع.
وأشار إلى أن، ما تضمنه مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي من ضبط وتقليص كبير لعدد حالات الحكم بعقوبة الإعدام، واشتراط عدد من الشروط المتعلقة بظروف المحاكمة وحيثيات الحكم بعقوبة الإعدام من ضمنها إجماع هيئة الحكم، أنه يمثل حالة توازن بين تحديد الحالات الموجبة للحكم بالإعدام وتوفير شروط تجاوز الخطأ أو الاستعمال المتعسف للقانون، وبين تطبيق القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم في حالة الاعتداء المتعمد على الحق في الحياة.